[b][b]حصيلة ستة أشهر من التحركات والاتصالات .... الأزمة الفلسطينية بين الحل الوطني والحلول الإقليمية
بقلم إياد مسعود 2008-01-13 عدد القراءات 175
ستة أشهر ونيف تكاد تمر على الانقلاب العسكري في قطاع غزة وما أحدثه من تداعيات مست مجمل الحالة الفلسطينية في القطاع والضفة الفلسطينية، وفي مناطق اللجوء والشتات والمهاجر، وكذلك في مناطق 48. فالانقسام الذي ترتب على هذا الانقلاب أضعف الحالة الفلسطينية، وشرع أبوابها لكل أنواع التدخلات، الإيجابية منها والسلبية، ولكل أنواع الضغوط، وأسال لعاب الجانبين الأميركي والإسرائيلي لفرض أملاءاتهما وشروطهما على الحالة الفلسطينية في محاولة مفضوحة لاستغلال حالة الانقسام والضعف التي تعانيها.
ستة أشهر ونيف، والحالة الفلسطينية تكابد، تحت تأثير الانقلاب والانقسام، ما تكابده من أزمات تتفاقم يوماً بعد يوم، واختناقات سياسية تطوق الأوضاع الفلسطينية: في حصار جائر لقطاع غزة، وعدوان متصاعد على القطاع وعلى الضفة دون تمييز، وتوسع مجنون للاستيطان، ومخططات شرهة لفصل القدس المحتلة عن الضفة الفلسطينية.
ستة أشهر ونيف والحملات الإعلامية بين الجانبين، فتح وحماس تستعر من هنا وهناك، تحقن النفوس، وتجيش الصفوف، ليأخذ المشهد طابع الانفجارات المتتالية، عند كل منعطف، وعند كل مناسبة، فتبدو الحالة الفلسطينية وكأنها سلسلة من الاشتباكات اللفظية والعسكرية، ما أن تهدأ حتى تستعر من جديد، تحرق نيرانها ليس من تستهدفهم فحسب، بل كل الحالة الفلسطينية، مما يهدد بتدمير ما تم تحقيقه من مكاسب بالعرق والدم، وتحويل مناطق السلطة الفلسطينية إلى صومال أخرى، تصبح فيها لغة الاقتتال والدم، ولغة الانفصال، وتعميق الانقسام هي اللغة السائدة. خاصة وأن مثل هذه الاتجاهات التدميرية، تلقى من يشجعها، لما تحمله له في ثناياها من مكاسب وامتيازات ونفوذ (!)
مبادرة الجبهة الديمقراطية
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كانت في مقدمة من حذر من خطورة الاقتتال، واللجوء إلى العنف في حسم الخلافات. وكانت في مقدمة من رأى في جولات الاقتتال، طوال العام 2007، ومع مطلع العام 2008 مقدمة لعمل تدميري لن يخرج منه أي من الأطراف بمكسب حقيقي، وتكون فيه الحالة الفلسطينية بكل تلاوينها هي الخاسر الأكبر. لذلك دعت على الدوام إلى الحوار، ولعبت في هذا السياق، دوراً مبادراً، إلى جانب باقي الفصائل لإنجاح الحوار الوطني في المناطق الفلسطينية والذي تمخض عن خطوة عظيمة تمثلت في وثيقة الوفاق الوطني (27/6/2006) وقد جاءت تطويراً لوثيقة القاهرة (17/3/2005) والتي لعب وفد الجبهة الديمقراطية إلى المؤتمر الوطني دوراً مميزاً في ولادتها هي الأخرى.
عندما وقعت الواقعة في 14/6/2007، بادرت الجبهة الديمقراطية إلى إدانة الاقتتال، وإدانة اللجوء إلى الحسم العسكري في حل الخلافات، ورفضت الاعتراف بنتائج هذا الحسم، ودعت إلى التراجع عن هذه النتائج، كمقدمة ضرورية لفتح الباب أمام حوار وطني، تشارك فيه الأطراف الفلسطينية كافة، بمن فيها حركتا فتح وحماس، وصولاً إلى وضع حل ثابت يعيد للحالة الفلسطينية وحدتها الداخلية، ويوفر لها عوامل الاستنهاض مرة أخرى ومواصلة مسيرة النضال ضد الاحتلال وضد الاستيطان.
وفي هذا السياق، أطلقت، قبل سواها، في 4/7/2007، أي بعد حوالي عشرين يوماً على الانقلاب الدموي، مبادرة سياسية توجهت بها إلى «جميع القوى والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني» دعت فيها إلى «حل سلمي وديمقراطي للأزمة الداخلية».
وفي هذه المبادرة أبرزت الجبهة الأفكار التالية:
@ أبدت تخوفاً من أن يؤدي اللجوء إلى الاحتكام إلى السلاح إلى دفع النظام السياسي الفلسطيني نحو الانهيار.
@ أدانت الممارسات المشينة التي رافقت الانقلاب واعتبرتها تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمر، وتدميراً لجسور الحوار الوطني وخروجاً عن الشرعية وعلى الأسس والمعايير الديمقراطية.
@ حذرت من أن إدامة الانقسام سوف تفتح الباب أمام شتى التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني، وتستحضر عهود الوصاية والاحتواء والإلحاق، وتقود إلى التآكل التدريجي للشرعية وتمزق وحدانية التمثيل الفلسطيني وتبدد استقلاله.
@ وخلصت إلى أن الخروج من هذا الوضع المأساوي، يمثل الأولوية القصوى لكل فلسطيني حريص على مستقبل قضيته الوطنية، وأن الخروج من الأزمة يتطلب توافقاً وطنياً شاملاً لا سبيل للتوصل إليه إلا بالحوار. لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن يشكل الحوار هدفاً قائماً بحد ذاته، أو ستاراً لتكريس الأمر الواقع المفروض بقوة السلاح. لذلك دعت إلى توفير شروط نجاح هذا الحوار «بإزالة آثار الحسم العسكري» في قطاع غزة، كما دعت إلى «استبعاد صيغة الحوار الثنائي المحكومة بأن تنزلق نحو المساومة على تقاسم النفوذ والمحاصصة». ودعت بالمقابل إلى «اعتماد صيغة الحوار الوطني الشامل التي تكفل المشاركة الفاعلة لجميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني والشخصيات الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني».
واقترحت الجبهة في مبادرتها أربع نقاط هي: التراجع عن الحسم العسكري، تشكيل حكومة انتقالية تستعيد وحدة المؤسسات وتهيئ الظروف لانتخابات مبكرة، اعتماد التمثيل النسبي في قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة، وأخيراً، وليس آخراً تفعيل وتطوير م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد عملاً بما جاء في إعلان القاهرة. وطرحت الجبهة مشروعها هذا لاستعادة الوحدة الداخلية على الرأي العام الفلسطيني وقواه السياسية والنقابية والمجتمعية، مستندة فيه كما هو واضح إلى وثيقتي الوفاق الوطني (27/6/2006) وإعلان القاهرة (17/3/2005).
ولا نذيع سراً أن الجبهة لم تضع مبادرتها هذه ولم تطرحها على الملأ إلا بعد مشاورات مطولة أجرتها مع معظم الفرقاء في الساحة الفلسطينية، في قطاع غزة، وفي الضفة الفلسطينية وفي الخارج. كذلك كانت هذه المبادرة حصيلة نقاش في هيئاتها القيادية، تبلورت على الشكل الذي ولدت عليه، تأكيداً للدور التوحيدي الذي حرصت الجبهة على القيام به، إن على الصعيد السياسي، من خلال طرح برامجها السياسية التوحيدية القائمة على القواسم المشتركة أو على الصعيد المؤسساتي، من خلال طرح مشاريع تطوير النظام السياسي الفلسطيني ومؤسسات م.ت.ف. والسلطة الفلسطينية، وبشكل خاص اعتماد نظام التمثيل النسبي، باعتباره النظام الأفضل الذي يوفر الفرصة لإشراك القوى كافة في المؤسسة وفي صياغة القرار، كل حسب نفوذه وتأييد الشارع له.
الخطوة الثانية: مبادرة مشتركة مع الشعبية
انطلاقاً من مبادرتها قامت الجبهة بسلسلة اتصالات، شملت بشكل خاص حركتي فتح وحماس، عرضت على الجميع مبادرتها، وشرحت عناصرها، وأوضحت وجهة نظرها في الأحداث التي شهدها القطاع، وفي الوضع الذي تعيشه الحالة الفلسطينية، عرضت المبادرة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعلى قيادة فتح في قطاع غزة في لقاء عقد في 16/7/2007، ترأس فيه وفد الجبهة الرفيق صالح زيدان عضو مكتبها السياسي ووفد فتح أحمد حلس عضو المجلس الثوري لفتح. كذلك قدم الرفيق عادل أبو جياب عضو قيادة الجبهة نسخة عن المبادرة إلى رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، كما عقد لقاء مماثل مع محمود الزهار، عضو القيادة السياسية لحركة حماس. [/b]
بقلم إياد مسعود 2008-01-13 عدد القراءات 175
ستة أشهر ونيف تكاد تمر على الانقلاب العسكري في قطاع غزة وما أحدثه من تداعيات مست مجمل الحالة الفلسطينية في القطاع والضفة الفلسطينية، وفي مناطق اللجوء والشتات والمهاجر، وكذلك في مناطق 48. فالانقسام الذي ترتب على هذا الانقلاب أضعف الحالة الفلسطينية، وشرع أبوابها لكل أنواع التدخلات، الإيجابية منها والسلبية، ولكل أنواع الضغوط، وأسال لعاب الجانبين الأميركي والإسرائيلي لفرض أملاءاتهما وشروطهما على الحالة الفلسطينية في محاولة مفضوحة لاستغلال حالة الانقسام والضعف التي تعانيها.
ستة أشهر ونيف، والحالة الفلسطينية تكابد، تحت تأثير الانقلاب والانقسام، ما تكابده من أزمات تتفاقم يوماً بعد يوم، واختناقات سياسية تطوق الأوضاع الفلسطينية: في حصار جائر لقطاع غزة، وعدوان متصاعد على القطاع وعلى الضفة دون تمييز، وتوسع مجنون للاستيطان، ومخططات شرهة لفصل القدس المحتلة عن الضفة الفلسطينية.
ستة أشهر ونيف والحملات الإعلامية بين الجانبين، فتح وحماس تستعر من هنا وهناك، تحقن النفوس، وتجيش الصفوف، ليأخذ المشهد طابع الانفجارات المتتالية، عند كل منعطف، وعند كل مناسبة، فتبدو الحالة الفلسطينية وكأنها سلسلة من الاشتباكات اللفظية والعسكرية، ما أن تهدأ حتى تستعر من جديد، تحرق نيرانها ليس من تستهدفهم فحسب، بل كل الحالة الفلسطينية، مما يهدد بتدمير ما تم تحقيقه من مكاسب بالعرق والدم، وتحويل مناطق السلطة الفلسطينية إلى صومال أخرى، تصبح فيها لغة الاقتتال والدم، ولغة الانفصال، وتعميق الانقسام هي اللغة السائدة. خاصة وأن مثل هذه الاتجاهات التدميرية، تلقى من يشجعها، لما تحمله له في ثناياها من مكاسب وامتيازات ونفوذ (!)
مبادرة الجبهة الديمقراطية
الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين كانت في مقدمة من حذر من خطورة الاقتتال، واللجوء إلى العنف في حسم الخلافات. وكانت في مقدمة من رأى في جولات الاقتتال، طوال العام 2007، ومع مطلع العام 2008 مقدمة لعمل تدميري لن يخرج منه أي من الأطراف بمكسب حقيقي، وتكون فيه الحالة الفلسطينية بكل تلاوينها هي الخاسر الأكبر. لذلك دعت على الدوام إلى الحوار، ولعبت في هذا السياق، دوراً مبادراً، إلى جانب باقي الفصائل لإنجاح الحوار الوطني في المناطق الفلسطينية والذي تمخض عن خطوة عظيمة تمثلت في وثيقة الوفاق الوطني (27/6/2006) وقد جاءت تطويراً لوثيقة القاهرة (17/3/2005) والتي لعب وفد الجبهة الديمقراطية إلى المؤتمر الوطني دوراً مميزاً في ولادتها هي الأخرى.
عندما وقعت الواقعة في 14/6/2007، بادرت الجبهة الديمقراطية إلى إدانة الاقتتال، وإدانة اللجوء إلى الحسم العسكري في حل الخلافات، ورفضت الاعتراف بنتائج هذا الحسم، ودعت إلى التراجع عن هذه النتائج، كمقدمة ضرورية لفتح الباب أمام حوار وطني، تشارك فيه الأطراف الفلسطينية كافة، بمن فيها حركتا فتح وحماس، وصولاً إلى وضع حل ثابت يعيد للحالة الفلسطينية وحدتها الداخلية، ويوفر لها عوامل الاستنهاض مرة أخرى ومواصلة مسيرة النضال ضد الاحتلال وضد الاستيطان.
وفي هذا السياق، أطلقت، قبل سواها، في 4/7/2007، أي بعد حوالي عشرين يوماً على الانقلاب الدموي، مبادرة سياسية توجهت بها إلى «جميع القوى والشخصيات ومؤسسات المجتمع المدني» دعت فيها إلى «حل سلمي وديمقراطي للأزمة الداخلية».
وفي هذه المبادرة أبرزت الجبهة الأفكار التالية:
@ أبدت تخوفاً من أن يؤدي اللجوء إلى الاحتكام إلى السلاح إلى دفع النظام السياسي الفلسطيني نحو الانهيار.
@ أدانت الممارسات المشينة التي رافقت الانقلاب واعتبرتها تجاوزاً خطيراً للخطوط الحمر، وتدميراً لجسور الحوار الوطني وخروجاً عن الشرعية وعلى الأسس والمعايير الديمقراطية.
@ حذرت من أن إدامة الانقسام سوف تفتح الباب أمام شتى التدخلات الخارجية في الشأن الفلسطيني، وتستحضر عهود الوصاية والاحتواء والإلحاق، وتقود إلى التآكل التدريجي للشرعية وتمزق وحدانية التمثيل الفلسطيني وتبدد استقلاله.
@ وخلصت إلى أن الخروج من هذا الوضع المأساوي، يمثل الأولوية القصوى لكل فلسطيني حريص على مستقبل قضيته الوطنية، وأن الخروج من الأزمة يتطلب توافقاً وطنياً شاملاً لا سبيل للتوصل إليه إلا بالحوار. لكنها حذرت في الوقت نفسه من أن يشكل الحوار هدفاً قائماً بحد ذاته، أو ستاراً لتكريس الأمر الواقع المفروض بقوة السلاح. لذلك دعت إلى توفير شروط نجاح هذا الحوار «بإزالة آثار الحسم العسكري» في قطاع غزة، كما دعت إلى «استبعاد صيغة الحوار الثنائي المحكومة بأن تنزلق نحو المساومة على تقاسم النفوذ والمحاصصة». ودعت بالمقابل إلى «اعتماد صيغة الحوار الوطني الشامل التي تكفل المشاركة الفاعلة لجميع ألوان الطيف السياسي الفلسطيني والشخصيات الفاعلة ومؤسسات المجتمع المدني».
واقترحت الجبهة في مبادرتها أربع نقاط هي: التراجع عن الحسم العسكري، تشكيل حكومة انتقالية تستعيد وحدة المؤسسات وتهيئ الظروف لانتخابات مبكرة، اعتماد التمثيل النسبي في قوانين الانتخابات الرئاسية والتشريعية المبكرة، وأخيراً، وليس آخراً تفعيل وتطوير م.ت.ف. الممثل الشرعي والوحيد عملاً بما جاء في إعلان القاهرة. وطرحت الجبهة مشروعها هذا لاستعادة الوحدة الداخلية على الرأي العام الفلسطيني وقواه السياسية والنقابية والمجتمعية، مستندة فيه كما هو واضح إلى وثيقتي الوفاق الوطني (27/6/2006) وإعلان القاهرة (17/3/2005).
ولا نذيع سراً أن الجبهة لم تضع مبادرتها هذه ولم تطرحها على الملأ إلا بعد مشاورات مطولة أجرتها مع معظم الفرقاء في الساحة الفلسطينية، في قطاع غزة، وفي الضفة الفلسطينية وفي الخارج. كذلك كانت هذه المبادرة حصيلة نقاش في هيئاتها القيادية، تبلورت على الشكل الذي ولدت عليه، تأكيداً للدور التوحيدي الذي حرصت الجبهة على القيام به، إن على الصعيد السياسي، من خلال طرح برامجها السياسية التوحيدية القائمة على القواسم المشتركة أو على الصعيد المؤسساتي، من خلال طرح مشاريع تطوير النظام السياسي الفلسطيني ومؤسسات م.ت.ف. والسلطة الفلسطينية، وبشكل خاص اعتماد نظام التمثيل النسبي، باعتباره النظام الأفضل الذي يوفر الفرصة لإشراك القوى كافة في المؤسسة وفي صياغة القرار، كل حسب نفوذه وتأييد الشارع له.
الخطوة الثانية: مبادرة مشتركة مع الشعبية
انطلاقاً من مبادرتها قامت الجبهة بسلسلة اتصالات، شملت بشكل خاص حركتي فتح وحماس، عرضت على الجميع مبادرتها، وشرحت عناصرها، وأوضحت وجهة نظرها في الأحداث التي شهدها القطاع، وفي الوضع الذي تعيشه الحالة الفلسطينية، عرضت المبادرة على الرئيس الفلسطيني محمود عباس، وعلى قيادة فتح في قطاع غزة في لقاء عقد في 16/7/2007، ترأس فيه وفد الجبهة الرفيق صالح زيدان عضو مكتبها السياسي ووفد فتح أحمد حلس عضو المجلس الثوري لفتح. كذلك قدم الرفيق عادل أبو جياب عضو قيادة الجبهة نسخة عن المبادرة إلى رئيس الحكومة المقالة إسماعيل هنية، كما عقد لقاء مماثل مع محمود الزهار، عضو القيادة السياسية لحركة حماس. [/b]