منتدى الثقافة والإبداع



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الثقافة والإبداع

منتدى الثقافة والإبداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الثقافة والإبداع

منتدى يتيح للشباب العربي التفسح بكل سهولة وإقتباس ما يريد من معارف


    لماذا لا نتغير ؟

    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    لماذا لا نتغير ؟ Empty لماذا لا نتغير ؟

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الأحد مارس 01, 2009 8:55 am

    [b][b]لماذا لا نتغير؟ سؤال قد يلح علينا جميعا‏.‏ فنحن إذا نظرنا إلي العالم من حولنا‏,‏ أي من أكثر الدول تقدما وغني مثل أمريكا وأوروبا الغربية إلي تلك المتوسطة كحال دول أمريكا اللاتينية وأوروبا الشرقية‏,‏ أو حتي الصغيرة أو النامية من آسيا إلي إفريقيا‏,‏ فسنجد فروقات‏-‏ تكون أحيانا هائلة‏-‏ بين معدلات التغيير وإيقاعها ومداها وتلاحقها في أغلب تلك الحالات وبين مثيلاتها في منطقتنا‏,‏ أي منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد المجتمعات العربية الإسلامية‏.‏

    صحيح أنه في كثير من اللحظات والفترات التاريخية والسياسية المختلفة تتزايد دعوات التغيير والتي عادة ما تصاحبها عملية تسمي‏'‏ الحراك السياسي والاجتماعي‏'‏ تزيد من توقعات هذا التغيير‏,‏ إلا أنها‏(‏ وفي معظم الحالات‏)‏ سرعان ما تخفت حتي تتلاشي تقريبا وتتراجع معها عملية الحراك فتتثاقل خطواتها أو تضل طريقها الصحيح‏.‏

    ولا شك في أن الإجابة علي ذلك السؤال المحوري‏(‏ لماذا لا نتغير؟‏)‏ تختلف أو يكون لها أكثر من زاوية للاقتراب منها قد تصح كلها أو بعضها‏.‏ ولكن في كل الأحوال‏,‏ فإن التركيز علي زاوية منها لا ينفي غيرها‏.‏

    والزاوية التي يركز عليها هذا المقال إنما تتعلق بالثقافة السياسية السائدة‏,‏ فالتغيير يرتبط بحيوية المجتمع وقدرته علي إنتاج واستيعاب قيم التغيير‏.‏ ويبرز هنا ما تقوم به النخب السياسية والمثقفة ومدي مساهمتها في عمليات التنوير باستخدام الوسائل أو الوسائط التثقيفية والإعلامية المختلفة‏.‏ وفي هذا الإطار‏,‏ يأتي الدور المحوري الذي يلعبه الإعلام كأداة رئيسية للتثقيف والتنشئة السياسية ونشر القيم في المجتمع ككل‏.‏

    فالإعلام ينظر إليه عادة علي أنه مرآة للحياة السياسية والثقافية في أي مجتمع من المجتمعات من حيث ارتقاؤها أو تدهورها وتدنيها وبالتالي فإنه يعكس طبيعة المناخ السياسي السائد ومدي نضجه وتطوره وأيضا طبيعة سياساته وبنيته التشريعية والقانونية‏.‏ ولذلك‏,‏ فإن مدي ليبرالية أو شمولية‏(‏ انفتاح أو انغلاق‏)‏ الثقافة العامة والسياسية يلعب دورا محوريا في تشكيل طبيعة الرسالة الإعلامية ويؤثر فيها‏,‏ إيجابا أو سلبا‏.‏ ولكن من ناحية ثانية وفي مقابل تلك النظرة‏,‏ فإن الإعلام ليس مجرد مرآة عاكسة للأحوال السائدة‏,‏ وإنما هو عامل أساسي للتغيير‏,‏ أي لإعادة تشكيل الوعي السياسي والرأي العام وخلق ثقافة سياسية ومجتمعية جديدة تتحدي ثقافة‏'‏ الوضع القائم‏'‏ وتكون قادرة علي تحريك الجمود وهز الثوابت السلبية واقتحام قضايا جديدة قد تكون خلافية ولا تنسجم مع ما يعرف بالتوجه السائد‏(Mainstream).‏

    من ناحية ثالثة‏,‏ قد يعد الإعلام أيضا أداة رئيسية للنظم غير الديمقراطية أو التي تمر بمراحل انتقال مختلفة لإحداث التعبئة الشعبية أو الجماهيرية‏,‏ وبالتالي للاستخدام والتوظيف السياسي لضمان سيادة أو تكريس ثقافة شمولية أو لا ديمقراطية‏,‏ أو ما يعرف‏'‏ بالصوت الواحد‏'.‏ وهو الأمر الذي عرفته عديد من النظم الشمولية‏,‏ سواء الشيوعية أو الفاشية أو النازية في عهود ماضية‏,‏ ثم ورثت جوانب منه العديد من النظم السلطوية في العالم النامي‏.‏

    ولذلك‏,‏ ربما كان أصعب قطاع في عملية التحول الديمقراطي الليبرالي هو ذلك القطاع بالتحديد أي الإعلام إن لم يكن الأصعب علي الإطلاق‏,‏ فالإعلام قد يكون أداة للتقدم والتنوير أو علي العكس أداة للتأخر وبث الأفكار المتخلفة في المجتمع‏.‏

    إن جوهر تلك القضية يتعلق بطبيعة دور النخبة‏,‏ فهي القائمة علي الإعلام‏(‏ سواء كان عاما أو خاصا‏)‏ في النهاية‏,‏ وهي التي تصوغ بدورها الرسالة الإعلامية‏.‏ فجميع الدول التي عرفت التقدم وأخرجت شعوبها من حالة التخلف والجمود قامت بذلك من خلال دور نخبها الفكرية‏.‏ فلننظر كيف كانت أوروبا في عصورها الوسطي‏,‏ وماذا أصبحت عليه الآن‏,‏ وكيف أصبحت أمريكا خلال عقدين من الزمان أكبر قوة علي الساحة العالمية‏,‏ وكيف تطورت اليابان هذا التطور المذهل لتصبح في مقدمة القوي الاقتصادية والتكنولوجية في العالم‏.‏ وأيضا الصين والهند ودول جنوب شرق آسيا‏,‏ كذلك الكثير من دول أمريكا اللاتينية مثل البرازيل والمكسيك والأرجنتين حتي بات منظرو النظام الدولي الحديث يضعونها في مصاف الدول المنافسة علي المكانة الدولية المرموقة‏,‏ والتي تنذر بتغيير شكل النظام العالمي وتحويله إلي نظام متعدد الأقطاب‏.‏ إن هذا التقدم وليد علم وعمل وليس صراخا ونحيبا أو هجاء وهدما‏'‏ للآخر‏'‏ أي آخر‏,‏ سواء كان هذا الآخر في الداخل أو الخارج‏.‏ كما أن المكانة الدولية والإقليمية لا تكتسب إلا بالتفوق والتميز والإنجاز الداخلي‏.‏

    والسؤال هو‏:‏ هل دور النخبة لدينا هو التنوير وبث الوعي وجذب المجتمع وقيادة الجماهير إلي الأمام لتحلق بركب التقدم ؟ أم هي تعمل علي تكريس التخلف وإثارة الجماهير واللعب علي اكتساب شعبية تبدو رخيصة تفتقد الحد الأدني من العقلانية والمسئولية ؟‏.‏

    لا يحتاج أي محلل سياسي لجهد كبير ليخلص إلي النتيجة الثانية‏,‏ فأغلب وسائل الإعلام‏(‏ مقروءة ومرئية‏)‏ إنما تنحاز إلي الشكل الثاني‏,‏ والصورة باتت مزمنة بل ومرضية أيضا‏.‏ إن ذلك الشكل أو الاتجاه الثاني هو ما اصطلح علي تسميته بالاتجاه‏'‏ الشعبوي‏'‏ بالمعني السلبي‏,‏ إذ لا يعني بالضرورة الالتصاق بالشعوب والتعبير عن مصالحها‏,‏ بقدر ما يعني اللعب علي مشاعرها وخلق وعي زائف لا يساعد علي من أزماتها ومشاكلها وإنما يكرس تأخرها ومعاناتها‏.‏ وقد عانينا من تلك‏'‏ الشعبوية‏'‏ السلبية إبان هزيمة‏1967‏ المريرة التي لعب الإعلام التعبوي الموجه‏,‏ قبلها وأثناءها وبعدها‏,‏ الدور الرئيسي فيها‏,‏ حيث يوصف هذا النوع الدعائي من الإعلام بكونه إعلاما مضللا و‏'‏مخدرا‏'‏ ربما يسمع الناس ما يريدون أن يسمعوه ليستمتعوا به لحظات ثم يدفعوا ثمنه غاليا‏,‏ ربما عمرا بأكمله‏.‏ ومن السهل التعرف علي ملامح تلك الرسالة الإعلامية‏'‏ الشعبوية‏'‏ فهي رسالة لابد أن تكون موجهة أساسا ضد‏(‏ الخارج‏)‏ باعتباره المسئول عن كل المصائب والكوارث التي تحل بالعالمين العربي الإسلامي‏,‏ وبالتالي فإن الإنجاز الوحيد هنا يكون ببث الكراهية والعداء ضده لتكون تلك هي الأداة الوحيدة لتأكيد الذات‏,‏ ولا مانع من أن تصبح تلك هي معركة البحث عن الهوية وعنوان‏'‏ النضال‏'‏ من أجلها‏!‏ رغم أنها قد لا تعكس في النهاية إلا الشعور بالضعف إزاء‏'‏ الآخرين‏'‏ الأقوياء المتقدمين‏.‏ ويكفي استعراض بعض الأمثلة البسيطة مؤخرا‏,‏ مثل مسألة‏'‏ الحذاء‏'‏ الذي وجه إلي الرئيس الأمريكي الذي أضحي هدفا إعلاميا ضخما للإثارة الجماهيرية‏.‏ وبالمنطق نفسه‏,‏ جاء الهجوم الإعلامي المكثف علي شيخ الأزهر لمصافحته الرئيس الإسرائيلي في مؤتمر عنوانه وهدفه هو الحوار بين الأديان والثقافات‏!‏ إن الدلالة الواضحة هنا هو أن الاعلام العربي لم يعد قادرا علي احتمال أي مناقشة عقلانية أو موضوعية أو افساح المجال لأي رأي أو وجهة نظر أو موقف أو تصرف مغاير لما هو‏'‏ سائد‏'.‏
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    لماذا لا نتغير ؟ Empty رد: لماذا لا نتغير ؟

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الأحد مارس 01, 2009 8:57 am

    [b]أما أخطر آثار هذا النمط الإعلامي‏'‏ الشعبوي‏',‏ فإنما تتمثل في تلك الفجوة الواسعة بينه وبين السياسات الرسمية المعلنة‏.‏ وأبرز هذه الأمثلة يتعلق بالتزامات مصر الخارجية والإقليمية‏,‏ خاصة فيما يتعلق بعملية السلام‏(‏ الفلسطينية‏-‏الإسرائيلية‏)‏ والتي يرتكز دور مصر الإقليمي بالأساس عليها وقيامها بدور الوساطة بين الطرفين‏,‏ انطلاقا من علاقاتها التاريخية بالقضية الفلسطينية من ناحية‏.‏ ولكن الأهم من ذلك هو امتلاكها لقناة مباشرة مع الطرف الآخر بحكم توقيعها معاهدة سلام مع إسرائيل منذ‏1979.‏

    إن هذا التوجه السياسي الرسمي يتناقض تماما مع التوجه الإعلامي الذي لا يزال يعبئ الرأي العام ويثيره في الاتجاه المناقض له‏.‏ وإذا كانت هذه تعد‏'‏ سياسة قديمة‏'‏ كان لها منطقها وأهدافها‏,‏ وربما ما يبررها من وجهة نظر القائمين عليها‏,‏ فإن التغيرات المتلاحقة التي شهدتها المنطقة‏,‏ وتغير كثيرا من المعادلات والأدوار‏,‏ جعلت من الضروري مراجعة تلك السياسة الإعلامية التي أصبحت‏'‏ أضرارها‏'‏ تفوق‏'‏ منافعها‏'.‏ والمثال الأكبر هنا هو‏'‏ غزة‏'‏ فبسبب ذلك الأداء الإعلامي التعبوي أو الشعبوي‏,‏ ظهرت السياسة المصرية وكأنها معزولة‏'‏ عن الرأي العام‏'‏ بحكم‏'‏ فجوة التوقعات‏'‏ التي كرسها ذلك الإعلام‏.‏

    بعبارة أخري‏,‏ إذا كانت السياسة المصرية تسير في اتجاه ما يطلق عليه بتيار‏'‏ الاعتدال‏'‏ والإعلام علي العكس يسير في الاتجاه الآخر أي‏'‏ المتشدد‏',‏ فإنه لا يبدو في النهاية أن تلك‏'‏ الازدواجية‏'‏ أدت إلي النتيجة المفترضة المرجوة منها‏,‏ ألا وهي كسب التيارين أو التوجيهين المعتدل والمتشدد‏!‏ فالواقع يشير إلي أن النتيجة قد تكون علي العكس‏,‏ أي‏'‏ عدم القدرة علي كسب أي منهما‏,'‏خاصة في فترات الأزمات التي تستلزم الانحياز إلي خيار سياسي واضح وليس الوقوف علي نفس المسافة من الأطراف المتنازعة‏.‏ إن استمرار هذا النمط والأداء الإعلامي قد يؤدي في النهاية إلي تآكل مصداقية السياسات المعلنة أو‏-‏ علي أقل تقدير‏-‏ إلي إضعاف دورها‏.‏

    وأخيرا‏,‏ وفي نفس السياق فدائما ما تخصص مساحات وتفرد صفحات لما يسمي‏'‏ بالتوجه التعبوي‏'‏ أكثر بكثير مما تفرده لقضايا الوطن الحقيقية والملحة لتقدمه‏,‏ وهي كثيرة تبدأ بأزمات التنمية‏,‏ والفقر والتخلف التكنولوجي‏,‏ والأمية‏,‏ والتطرف إلي الاستغراق في السلفية الفكرية والسياسية وهكذا‏.‏ هل ينشغل الاعلام الحالي مثلا بقضايا تثقيف المجتمع‏,‏ والارتقاء بالفنون والآداب‏,‏ والتحديث والتنوير‏,‏ وقضايا المواطنة والمساواة‏,‏ وإشكالية الحرية‏(‏ فردية وعامة‏)‏ في العالمين العربي الإسلامي ؟

    إذا كان كل ما تهدف اليه تلك السياسة الاعلامية‏'‏ الشعبوية‏'‏ القديمة بتركيزها علي العالم الخارجي هو إثبات أن هذا العالم هو سبب كل الشرور والمشاكل فقد تحقق الهدف‏.‏ ولكن يبقي السؤال هو‏:‏ وماذا بعد؟ أي ماذا بعد كل هذا السعي لإثبات سوء‏'‏ الآخر‏'‏؟ هل هذا سيخرج المجتمع من أزماته‏,‏ وينقلنا من التخلف إلي التقدم ويزيد من مكانتنا الاقليمية والدولية؟ إن الدعاية لا تصنع في النهاية تقدما‏!‏

    لهذه الأسباب‏,‏ نحن لا نتغير‏,‏ بل نظل حبيسي المربع رقم واحد‏,‏ لا نكاد نخرج منه إلا لنعود إليه‏.‏ إذ يؤدي استمرار هذا النوع من الإعلام إلي إعادة إنتاج ونشر الثقافة السياسية البالية التي تقوض كل دعوة أو جهد للتغيير وللتطوير والإصلاح‏,‏ أو‏-‏ بكلمة واحدة‏-‏ للنهضة‏.‏ وإذا كان القائمون علي سياسات الإعلام التقليدية‏(‏ منظروه ومهندسوه ومروجوه‏)‏ يحاجون بأنهم إنما‏'‏ يشبعون‏'‏ رغبات الشعوب‏'‏ في التنفيس عن الغضب وامتصاص مشاعر الإحباط لديها‏,‏ فالإجابة هي أن ذلك قد يكون صحيحا علي المدي القصير‏,‏ إلا أنها تظل سياسة تحمل مخاطرها في ذاتها‏,‏ إذ تؤدي‏-‏ علي المدي الأطول‏-‏ إلي تأجيج مشاعر الغضب علي نطاق واسع بحيث لا يمكن التنبؤ‏,‏ في أي لحظة أو لأي سبب بالتحديد‏,‏ بما يمكن لها أن تنفجر‏.‏

    وعموما‏,‏ لو كان هذا هو النهج والطريق الذي سلكته مصر منذ ما يزيد علي مائتي عام‏,‏ لما كانت قد حققت أي تقدم يذكر‏,‏ بل ولم يكن ممكنا قيام دولتها الحديثة أصلا‏.‏ فتجربة محمد علي باشا في بداية القرن الـ‏19,‏ التي يعتز بها المصريون جميعا‏,‏ لم تكن مجرد صدي لما يسمي بالتوجهات‏'‏ الشعبوية‏'‏ السائدة في ذلك الوقت‏,‏ وإنما كانت تحديا حقيقيا لواقع متخلف‏,‏ قادت الجماهير والمجتمع وراء تجربة تحديثية وتنويرية رائدة‏,‏ ولم تنقد وراء ما‏'‏ هو قائم‏'.‏ وهكذا‏,‏ كتب تاريخ مصر الحديث والليبرالي‏,‏ وهو الميراث القيم الذي تفخر به مصر حتي اليوم‏.[/b][/b]
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    لماذا لا نتغير ؟ Empty رد: لماذا لا نتغير ؟

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الأحد مارس 01, 2009 9:03 am

    [b][b]المفهوم وحركة التطور في المجتمع‏(1)‏

    تعتبر دراسة المفاهيم السياسية أحد المداخل المهمة في فهم الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية‏,‏ فعلي الرغم من الاختلافات بين المدارس الفكرية في نظرتها للمفهوم إلا أن هذا الاختلاف لا يقلل من القيمة التي تضيفها عملية دراسة المفاهيم في حقل العلوم السياسية بوجه عام‏,‏ والنظم السياسية بوجه خاص‏,‏ فعن طريق المفاهيم يمكن الاستدلال علي الديناميكية السياسية الموجودة داخل المجتمع‏.‏ ولا تقتصر عملية دراسة المفهوم هنا علي رصد المفهوم وإنما أيضا تستخدم في تقييم الوضع السياسي والاجتماعي فيما إذا كان المجتمع يوجد به ديناميكية صحية ام مرضية علي مستوياته المختلفة‏(‏ السياسية والثقافية والاجتماعية‏)‏ أم لا‏.‏ وقد شهد‏,‏ علي سبيل المثال‏,‏ المجتمع المصري حركة صخب لمفاهيم سياسية والتي كانت شاهدة علي ديناميكية المجتمع في فترة ما قبل ثورة‏1952.‏ حيث كانت هناك مفاهيم سياسية حاكمة للحركة السياسية والاجتماعية‏.‏ فعلي المستوي السياسي كانت الحركة السياسية المصرية بدءا من قيام الثورة العرابية‏1881‏ ومرورا بثورة‏1919‏ وحتي ثورة يوليو تدور حول مفاهيم أساسية مثل الدستور والمطالبة بالجلاء والنهضة والتحديث‏,‏ حيث عكس وجود هذه المفاهيم حالة تفاعل صحي داخل المجتمع‏,‏ قاده أقطاب النضال الوطني من ناحية ورواد التحديث والنهضة من ناحية أخري‏.‏ وقد انعكست مظاهرها في مجالات مختلفة‏:‏ الصحافة‏,‏ والفن والأدب‏,‏ وانطوت كلها تحت مفهوم النخبة بأبعاده المختلفة‏.‏ فيمكن مثلا في هذه الفترة أن نتحدث عن النخبة السياسية التي كانت وراء ثورة‏1919‏ ودستور‏23‏ الليبرالي‏,‏ وأيضا النخبة الفكرية سواء علي المستوي الثقافي أو الأدبي‏,‏ والتي كانت بحضورها الفكري التنويري علامة مميزة علي ديناميكية المجتمع المصري في تلك الفترة وجاءت برواد في مجالاتهم مازالوا أعلاما للنهضة والتنوير حتي الآن داخل المجتمع المصري‏,‏ كما يمكننا الحديث عن النخبة البرلمانية في فترة ما بين‏1924‏ و‏1952‏ والتي عكست حيوية الحياة النيابية المصرية في ذلك الوقت‏.‏ هذا فضلا عن النخبة الصحفية متنوعة المشارب والاتجاهات‏.‏ فالمجتمع المصري وفقا لمنظور النخبة‏,‏ نستطيع أن ندرس مدي حيويته‏.‏ فعلي الرغم أن المفهوم في ذلك الوقت لم يأخذ هذا التنوع والأبعاد حيث كان مقصورا علي النخبة السياسية‏,‏ إلا أن هذا لا يمنع من النظر الي الماضي بعدما حدث له تطور بفضل المدرسة السلوكية وما بعد السلوكية‏.‏

    فهذا المناخ السياسي الليبرالي كان بمثابة الحضانة التي جاء منها أعلام الأدب المصري أمثال طه حسين وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ‏.‏ فقد عكست إبداعاتهم حركة التطور السياسي والاجتماعي والثقافي في هذا العصر‏..‏ وهذا الإشعاع الثقافي والسياسي لمصر في تلك الفترة خلق لمصر ما يشبه دور الهيمنة الثقافية في المنطقة العربية عن طريق الصحافة والأدب والإبداع السينمائي‏,‏ واستمر هذا الدور حتي بعد ثورة‏1952,‏ وباتت اللهجة المصرية مفهومة لكل عربي بفضل هذه الهيمنة الثقافية‏.‏

    ومن هنا فإن استخدام مفهوم النخبة لدراسة المجتمع المصري في هذه الفترة يصبح مفيدا للبحث عن النخب الفاعلة التي لم تأت مصادفة وإنما كانت مرتبطة بالأساس بمفاهيم أخري‏,‏ كالليبرالية والتعددية والتي صنعتها ديناميكية المجتمع في النصف الأول من القرن العشرين‏.‏ والذي جعل مصر تتميز بالهيمنة الثقافية في المنطقة العربية في النصف الأول من القرن العشرين‏.‏

    أولا‏-‏ التأصيل لمفهوم النخبة‏:‏

    سوف يتم تناول هذه الجزئية من خلال التعرض لمفهوم النخبة من حيث العناصر التالية‏:‏ التأصيل اللغوي للمفهوم‏,‏ والذاكرة التاريخية‏,‏ وعلاقة المفهوم بالمفاهيم الأخري‏.‏

    ‏(1)‏ التأصيل اللغوي للمفهوم‏:‏

    عند البحث عن اشتقاقات كلمة النخبة في القواميس العربية نجد‏:‏ انتخب الشيء‏:‏ اختاره‏.‏ والنخبة‏:‏ ما اختاره منه‏.‏ ونخبة القوم ونخبتهم‏:‏ خيارهم‏.‏ قال الأصمعي‏:‏ يقال هم نخبة القوم‏,‏ بضم النون وفتح الخاء‏.‏ قال أبو منصور وغيره‏:‏ يقال نخبة‏,‏ إسكان الخاء‏,‏ واللغة الجيدة ما اختاره الأصمعي‏.‏ ويقال‏:‏ جاء في نخب أصحابه‏,‏ أي في خيارهم‏.‏

    والانتخاب‏:‏ الانتزاع‏.‏ والانتخاب‏:‏ الاختيار والانتقاء‏,‏ ومنه النخبة‏,‏ وهم الجماعة تختار من الرجال‏,‏ فتنتزع منهم‏.‏ وفي حديث علي بن أبي طالب‏,‏ وقيل عمر بن الخطاب رضي الله عنهما‏:‏ وخرجنا في النخبة‏,‏ النخبة‏,‏ بالضم‏:‏ المنتخبون من الناس‏,‏ المنتقون‏.‏ وفي حديث ابن الأكوع‏:‏ انتخب من القوم مائة رجل‏.‏ ونخبة المتاع‏:‏المختار ينتزع منه‏(2).‏

    وإذا نظرنا في القاموس المحيط فسنجد‏:‏ نخب ينخب نخبا‏:‏ أخذ نخبة الشيء‏,‏ أي المختار منه‏-‏ الصيد‏:‏ نزع قلبه‏-‏ بالحرب فلانا‏:‏ جبنته وأضعفته نخبتهم رؤية الأسلحة الحديثة عند العدو‏(3).‏

    وفي معجم المحيط نجد‏(‏ النخبة‏):‏ المختار من كل شيء‏.‏ يقال‏:‏ جاء في نخبة أصحابه‏:‏ خيارهم‏(4).‏ وفي قاموس اكسفورد تشير كلمة‏Elite‏ الي الفئة الاجتماعية التي يعتقد أنها الأفضل والأهم بين غيرها بفضل امتلاكها السلطة أو الثروة أو مهارات عقلية مثل‏:‏ النخبة الحاكمة‏,‏ والنخبة المثقفة‏(5).‏

    ومن هنا تعرف النخبة بأنها جماعة‏(‏ أو جماعات‏)‏ من الأفراد الذين لهم خصائص مميزة تجعلهم يقومون بأدوار أكثر تميزا في حياة مجتمعاتهم‏,‏ ومؤشر هذا التمييز في الأدوار تأثيرهم البالغ علي مجريات الأمور وتوجيهها كما ينعكس في تأثيرهم علي عمليات صنع القرار المهمة في مختلف مجالات الحياة‏(6).‏

    (2)‏ الذاكرة التاريخية للمفهوم‏:‏

    إن استخدام تعبير النخبة أو الصفوة قديم قدم المجتمع البشري نفسه‏'‏ وتعود البدايات الحقيقية لمفهوم النخبة الي أعمال الفيلسوف اليوناني أفلاطون‏,‏ عندما تكلم عن ضرورة أن يحكم المجتمع جماعة من الأفراد النابهين‏,‏ كما تعود كذلك الي المذهب الذي تقوم عليه طائفة البراهمة‏,‏ وهو مذهب ساد في الهند في فترة مبكرة من تاريخها‏.‏ فضلا عن ذلك وجدت مذاهب ومعتقدات دينية عديدة عبرت بشكل أو بآخر عن النخبة حيث كان يستخدم قديما لإعلاء شأن الذات الجمعية مثل‏'‏ شعب الله المختار‏'‏ وإما للإشارة الي وضع مميز داخل التركيبة الاجتماعية نفسها كما نري في قوائم الفرسان وأولياء الله الصالحين وكان لذلك تأثير كبير في النظريات الاجتماعية‏(7).‏

    كما تشير دراسات أخري إلي أن مفهوم النخبة استعمل ابتداء من القرن الثاني عشر‏,‏ وتحولت حمولته إلي المعاني التالية مع القرن الرابع عشر‏,‏ حيث أصبح يعني‏'‏ المنتخب‏'Elu‏ أو‏'‏ المختار‏'Lechoisi‏ و‏'‏الشهير أو المعروف‏'Eminent‏ أو‏'‏ المميز‏'Ledistingue,‏ وهي صفة للشيء أو للشخص المميز ضمن مجموعة من الأشياء أو الأشخاص‏.‏ وتأسيسا علي ذلك‏,‏ يتم أحيانا الحديث عن‏'‏ نخبة الجيش‏'‏ و‏'‏نخبة المجتمع‏'...‏ الخ‏,‏ وسواء استعمل بشكل مفرد أو جمع‏,‏ فهو يعني ما هو ضد الكتلة أو الجماهير‏,‏ أي الأغلبية التي تتواجد في المراكز التحتية من التراتبية الاجتماعية‏.‏ وظهرت مجموعة من الطروحات السياسية والفكرية تعارض بين الجماهير والنخب‏.‏ وضمن هذا المنحي يمكن إدراج الفكر السياسي لكل من‏'‏ أدموند بورك‏'‏ و‏'‏جاك مولي ديبو‏'‏ و‏'‏جوزيف ديميستر‏',‏ و‏'‏لويس بونالد‏',‏ و‏'‏توكفيل‏'.‏ ويتساءل هؤلاء عن نتائج عودة الكتل إلي الساحة التاريخية‏,‏ والأخطار التي يمكن أن تحملها هذه العودة علي السياسة والمعرفة‏.‏ وفي رأيهم أن الزعماء الذين يمثلون أقلية في المجتمع هم القادرون وحدهم علي ضمان الحريات في مواجهة النزعة المساواتية الإطلاقية التي تتدافع الكتل بوعي أو بدون وعي من أجل إقرارها‏(Cool.‏

    غير أن التصور الاجتماعي والسياسي الحديث للنخبة يرجع الي دفاع سان سيمون‏(SaintSimom)‏ عن حكم العلماء ورجال الصناعة‏,‏ إلا أن النخبة اتخذت معاني ومضامين متنوعة‏,‏ وبالذات عندما أقر هذا الأخير مسالة الفروق الطبقية وأكد التفاوت بين الفقراء والأغنياء‏.‏ وقد استخدمت كلمة النخبة‏(Elite)‏ في القرن السابع عشر دلالة مغايرة لمعناها الحالي‏,‏ فقد استخدمت لوصف السلع ذات النوعية الممتازة‏,‏ وما لبث هذا الاستخدام أن اتسع للاشارة الي الجماعات الاجتماعية العليا كبعض الوحدات العسكرية‏,‏ او المراتب العليا في النبالة‏(9).‏

    وقد حلل‏'‏ هليوليتي‏'‏ حالة النظام السياسي الفرنسي قبل اندلاع الثورة الفرنسية في عام‏1789‏ من منظور النخبة التي أطلق عليها‏'‏ الطبقة الحاكمة أو الطبقة الممتازة‏'‏ التي تتكون من الملك والنبلاء والكهنة‏.‏ واعتبر أفعال هؤلاء هي المسئولة أساسا عن نشوب الثورة‏(10).‏ وبالرغم من ذلك يعد الاستعمال العملي والمنهجي في إطار السوسيولوجيا او العلوم السياسية أمرا حديثا نسبيا وبالتحديد في النصف الثاني من القرن التاسع عشر‏(11)‏ عندما تم استخدامها لوصف السلع ذات النوعية الممتازة‏.‏ وما لبث هذا الاستخدام أن اتسع للإشارة الي الجماعات الاجتماعية العليا‏,‏ كبعض الوحدات العسكرية او المراتب العليا‏,‏ وطبقا لقاموس اكسفورد فإن أقدم استخدام عرف لكلمة نخبة في اللغة الانجليزية كان سنة‏1823‏ حينما كانت تنطبق علي الجماعات الاجتماعية‏,‏ بيد أن المصطلح لم يستخدم استخداما واسعا في الكتابات الاجتماعية والسياسية الاوروبية بوجه عام إلا في أواخر القرن التاسع عشر‏,‏ وفي ثلاثينيات القرن العشرين في بريطانيا وأمريكا علي وجه الخصوص‏,‏ حينما انتشر المصطلح وساد استخدامه في النظريات السوسيولوجية للنخبة‏(12).‏

    (3)‏ علاقة المفهوم بالمفاهيم الأخري‏:‏

    إن مفهوم النخبة قد يتدخل في علاقات تقاطع سواء بشكل أفقي أو رأسي مع مفاهيم مختلفة‏,‏ وهذا التقاطع يعبر عن أرضيات مشتركة بين هذه المفاهيم ومفهوم النخبة مثل مفهوم الجماعة ومفهوم الطبقة الحاكمة‏,‏ والطبقة السياسية‏,‏ والقيادة السياسية والارستقراطية‏,‏ والأوليجاركية‏,‏ أهل الحل والعقد‏,‏ السراتية‏.‏[/b]
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    لماذا لا نتغير ؟ Empty رد: لماذا لا نتغير ؟

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الأحد مارس 01, 2009 9:08 am

    [b]وعلي الرغم من تقاطع او ترادف مفهوم النخبة مع هذه المفاهيم وهو ما يثري المفهوم إلا أن الدراسات السلوكية وما بعد السلوكية قد أثرت المفهوم بأن جعلت من الممكن أن ينظر الي النخبة من منطلق التخصص والدور الذي تقوم به النخبة‏,‏ وهو الأمر الذي جعل استخدام الاقتراب النخبوي في التحليل يقترب أكثر من الواقع‏.‏ فنجد علي سبيل المثال النخبة الثقافية‏:‏ والنخبة الاقتصادية‏,‏ والنخبة الاعلامية‏,‏ والنخبة البرلمانية‏,‏ والنخبة الصحافية‏,‏ والنخب المهنية‏,‏ والنخب الرياضية‏...‏ الخ حيث نجد هناك ما يشبه الإثراء للمفهوم‏,‏ حيث يوجد داخل كل قطاع من هو مؤثر ويقوم بأدوار النخبة فيه ولا يستثني من ذلك قطاع دون الآخر‏.‏ من هنا نلاحظ ان الابعاد الجديدة لمفهوم النخبة تتفوق علي المرادفات التقليدية للمفهوم‏.‏

    أ‏-‏ النخبة والجماعة‏:‏

    تركز دراسات الجماعة علي مجموعات الأفراد التي تتفاعل فيما بينها سعيا نحو أهداف سياسية مشتركة‏.‏ أي أن الاهتمام الأساسي ينصب علي الجماعة وليس الفرد ما دام المفترض انها تؤثر في الحياة السياسية أكثر منه‏.‏ وعليه‏,‏ تعد الجماعة وحدة التحليل‏.‏ أما بالنسبة لمنهج النخبة‏,‏ فيركز علي سلوك عدد صغير من صناع القرار وليس علي مؤسسات الحكم‏,‏ ومن هنا يتحدي منهج الجماعة من حيث يبرز نفوذ وتأثير مجموعة واحدة بعينها‏(‏ أي اولئك الذين يصنعون القرارات‏)(13).‏

    ب‏-‏ النخبة والطبقة‏:‏

    التقي مفهوم الطبقة ومفهوم النخبة علي بعض المبادئ أبرزها التأكيد علي مفهوم الانقسام والتدرج‏,‏ وارتكاز هذا الانقسام‏,‏ والتدرج علي الثروة والسلطة والنفوذ أو المكانة ثم التأكيد علي ظاهرة الصراع التي تنبع من عدم المساواة وتغذي ديناميكيات التغيير الاجتماعي والسياسي‏.‏

    أما بالنسبة لأوجه الاختلاف بين المفهومين‏,‏ فيشير مفهوم النخبة الي جانب واحد من التدرج‏(‏ جانب النخبة‏),‏ هذا بينما يشير مفهوم الطبقة الي اكثر من خط للتدرج‏.‏ انه يشير الي دراسة للمجتمع كله‏.‏ وتحظي الشرائح الدنيا بنفس الاهتمام الذي تحظي به الشرائح الاخري‏,‏ هذا فضلا عن أن التحليل النخبوي ينظر إلي المحكومين علي أنهم ذوو دور هامشي في الحياة السياسية علي عكس الاقتراب الطبقي الذي يري ان الحكام والمحكومين لهما دور إيجابي في الحياة السياسية‏,‏ كما أن المنهج النخبوي يري ان عملية التحديث والتنمية تأتي من أعلي من القيادة علي خلاف المنهج الطبقي الذي يري أنه يمكن دراستها من أسفل‏(‏ الجماهير‏)‏ ومن أعلي‏(‏ الحكام‏)(14).‏

    يري الباحث ان اوجه الاختلاف السابق الإشارة اليها‏,‏ ووفقا للمدرسة السلوكية وما بعد السلوكية ليست بهذه الدرجة من الاختلاف‏,‏ حيث باتت أوجه الاختلاف هذه أوجه التقاء‏,‏ حيث بات هناك خط للتدرج عن النظر الي النخبة فأصبح هناك دراسات معنية بالنخب الريفية‏,‏ والنخب القبلية‏,‏ والنخب النسوية‏...‏ الخ‏.‏ وهذا يشكل علامة التقاء مع اقتراب الطبقة بل يمكن القول انه داخل كل طبقة هناك نخبة معينة‏,‏ فمثلا طبقة الفلاحين نجد هناك الأعيان من بينهم يشكلون نخبة‏.‏

    ج‏-‏ البرجوازية‏Bourgeoisie:‏

    طبقة اجتماعية من أصحاب المهن الحرة نشأت في القرون الوسطي الأوروبية‏,‏ سميت كذلك لأنهم كانوا يعيشون إما في المدن أو في‏(‏ قري صغيرة‏Bourgs)‏ يتمتعون فيها ببعض الامتيازات‏.‏ لعبت هذه الطبقة دورا هاما في إنجاح الثورة الفرنسية‏.‏ وتتشكل البرجوازية من مجموع المالكين الفرديين أو الجماعيين لوسائل الإنتاج ومديري المؤسسات التجارية والصناعية والمالية‏,‏ والمضاربين وكبار الملاك‏,‏ وبشكل عام أولئك الذين يعيشون أساسا من العوائد الرأسمالية المرتفعة إلي حد ما‏.‏ ومن الأنظمة الديمقراطية أصبحت البرجوازية تتميز بامتلاكها لوسائل الإنتاج ولسلطة اجتماعية تقوم علي مفهوم النخبة‏(15).‏
    د‏-‏الأرستقراطية‏:‏

    تعني كلمة الأرستقراطية لغويا حكم الأفضل‏,‏ ووفقا لأرسطو تمثل الحكم الأكثر رشدا من أشكال الحكم‏,‏ أي حكم الموهوبين لصالح الشعب‏.‏ الا ان المعني التاريخي او التطبيق السياسي للأرستقراطية مختلف تماما‏,‏ فإنها تحمل معاني النخبة والطبقة الحاكمة من حيث محدودية العدد والتميز‏(16).‏

    هـ‏-‏ الأوليجاركية‏:‏

    لغويا تختلف الأرستقراطية والاوليجاركية‏,‏ إذ تعني الأوليجاركية حكم الأقلية‏,‏ أما الأرستقراطية فتعني حكم الأفضل‏.‏ وقد استخدم روبرت داهل عالم الاجتماع الامريكي لفظ‏'‏ الاوليجاركية‏'‏ كمرادف للصفوة الحاكمة‏,‏ أما موسكا فاعتبر الاوليجاركية شكلا من أشكال الطبقة الحاكمة‏(17).‏

    و‏-‏ القيادة السياسية‏:‏

    يستخدم كثيرمن علماء الاجتماع مصطلح القيادة السياسية للدلالة علي مفهوم النخبة الحاكمة‏.‏ فالقيادة السياسية هي السياسيون مثل رئيس السلطة التنفيذية‏,‏ والوزراء بالاضافة إلي أعضاء البرلمان‏.‏ وذلك للتفرقة بينها وبين القيادة الإدارية إو الإداريين الذين يحتلون قمة الهرم الوظيفي في جهاز الخدمة المدنية‏.‏ ومع أن كلا من مفهومي القيادة والنخبة يتعلقان بجانب التوجيه في العملية السياسية‏,‏ إلا أنه يجب التمييز بينهما من الناحية التحليلية‏,‏ فالقيادة في جوهرها ظاهرة فردية والنخبة في أساسها ظاهرة جماعية‏(18).‏

    ثانيا‏-‏ تعدد مضامين المفهوم وأبعاده الجديدة‏:‏

    لقد كان استخدام مفهوم النخبة منذ البداية لدي علماء الاجتماع والسياسة يحمل في داخله التنوع‏,‏ حيث جاء في موسوعة العلوم الاجتماعية‏(19)‏ أن المجتمعات الحديثة لا توجد بها نخبة واحدة متكاملة وإنما توجد بها أشكال من النخبة المتخصصة مرتبطة بالنظام الاجتماعي بطرق مختلفة وفقا لتخصص كل منها‏,‏ لذلك فهي متنوعة فيما بينها فنجد هذه الأشكال للنخبة تتمثل في الرسامين‏,‏ ورجال الأعمال‏,‏ ونجوم السينما‏,‏ والعلماء‏,‏ حيث كل منهم مؤثر في مجال مختلف وهذه التعددية للنخبة تعكس وتقوي خاصية التعدد في المجتمعات الحديثة‏.‏ وقد انعكس ذلك في افكار كل من سانت سيمون‏1807‏ وأيضا باريتو في عام‏1902‏ ومانهايم في عام‏.1935‏

    فمصطلح النخبة كان يقصد هؤلاء المفكرون به أشكالا مختلفة وفقا للوظائف والمواقع التي يتخذها كل شكل من أشكال النخبة داخل المجتمع حيث إن العامل المهم الذي قد يميزهم عن غيرهم مواهبهم والمهارات والقدرات التي يملكونها فضلا عن الوزن الاجتماعي الذي يحظون به اكثر من غيرهم نتيجة تأثير أنشطتهم داخل المجتمع‏.‏ وهذه الميزة التي يتمتع بها هؤلاء الافراد ويتركون بها تأثيرهم داخل المجتمع تجعلنا نطلق عليهم وفقا لهذا العامل النخبة الاستراتيجية التي تأخذ علي عاتقها عملية التأثير والتغيير داخل المجتمع‏(20).‏

    من هنا تتدرج النخب عبر المستويات المختلفة للبناء الاجتماعي السياسي‏,‏ بدءا من النخبة السياسية الحاكمة ومرورا بما يمكن أن نطلق عليه النخب الوسيطة‏(‏ كجماعة المثقفين والعلماء علي سبيل المثال لا الحصر‏)‏ وانتهاء بالنخب المحلية علي مستوي المدن الصغيرة والقري‏(21).‏ ورغم أن هذا التدرج في تركيب النخب من المركزية إلي المحلية هو التصنيف الأكثر شيوعا‏.‏ إلا أن ثمة تصنيفات أخري كأن نصنف النخب حسب المجالات او النطاقات التي تظهر فيها‏,‏ فنقول نخبة اقتصادية‏,‏ وأخري فنية‏,‏ وثالثة مهنية‏,‏ ورابعة سياسية‏,‏ أو كأن نصنف النخب وفقا لوظائفها أو وفقا لنظم المجتمع المختلفة‏,‏ أو كأن نصنفها الي نخب سياسية ونخب غير سياسية علي اعتبار أن النخب السياسية هي تلك الجماعات الأكثر تأثيرا في القرارات السياسية الهامة‏,‏ بينما يكون للنخب غير السياسية تأثير في مجالات الحياة الأخري‏(22).‏

    ‏1-‏ النخبة‏..‏ ما بين السياق السياسي والسياق الاجتماعي‏:‏

    ينظر إلي النخب السياسة علي أنها تختلف في طبيعة تأثيرها وفقا لما تتمتع به من قوة ونفوذ‏.‏ لذلك فان أقوي هذه النخب وأشدها نفوذا هي تلك النخبة التي نطلق عليها‏'‏ النخبة المركزية‏'‏ والتي تتكون من كبار رجال الدولة في أجهزتها التنفيذية والتشريعية والقضائية‏.‏ وتدور في فلك هذه النخبة المركزية نخب سياسية واجتماعية عديدة‏,‏ ومن النخب السياسية‏:‏ النخب الحزبية التي تتكون من قادة الأحزاب الرئيسية‏,‏ والأحزاب التي في طور التشكيل‏,‏ والنخب السياسية في المدن والقري المكونة من الزعماء المحليين وأعضاء المجالس المحلية والقادة المحليين‏.‏[/b]

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 1:06 pm