منتدى الثقافة والإبداع



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى الثقافة والإبداع

منتدى الثقافة والإبداع

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى الثقافة والإبداع

منتدى يتيح للشباب العربي التفسح بكل سهولة وإقتباس ما يريد من معارف


    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:31 am

    الإنسانُ بين علوِّ الهمَّة وهبوطها


    جمع وإعداد
    الباحث في القرآن والسنة
    علي بن نايف الشحود




    (( حقوق الطبع لكل مسلم ))


    بسم الله الرحمن الرحيم

    الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين .
    أما بعد :
    فإن الإنسان يعيش بين علو الهمة وهبوطها ، فعندما يقوى إيمانه يقبل على طاعة الله تعالى برغبة جامحة ، فيكثر من النوافل والقربات، وقد تمرُّ به فترات فتضعف همته وتخور عزيمته ، فيقصِّر في أداء الواجبات ، وقد يرتكب بعض المحذورات .
    وفي القرآن والسنة علاج لضعف الهمة وفتورها ، ومن ذلك :
    أن الله تعالى أمره بتقواه بقدر استطاعته فقط ، قال تعالى : { إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ (15) فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (16)} [التغابن/15، 16]
    ولم يكلفه فوق طاقته ، قال تعالى :{ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِنْ نَسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا رَبَّنَا وَلَا تَحْمِلْ عَلَيْنَا إِصْرًا كَمَا حَمَلْتَهُ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِنَا رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ وَاعْفُ عَنَّا وَاغْفِرْ لَنَا وَارْحَمْنَا أَنْتَ مَوْلَانَا فَانْصُرْنَا عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ (286) } [البقرة/286]
    ونهانا الرسول r عن الغلو في الطاعة والعبادة حتى لا نهلك أنفسنا ، وتضعف قوانا ، فعَنْ بُرَيْدَةَ الْأَسْلَمِيِّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ : خَرَجْتُ ذَاتَ يَوْمٍ لِحَاجَةٍ ، وَإِذَا أَنَا بِالنَّبِيِّ - r- يَمْشِي بَيْنَ يَدَيَّ ، فَأَخَذَ بِيَدِي فَانْطَلَقْنَا نَمْشِي جَمِيعًا ، فَإِذَا نَحْنُ بَيْنَ أَيْدِينَا بِرَجُلٍ يُصَلِّي يُكْثِرُ الرُّكُوعَ وَالسُّجُودَ ، فَقَالَ النَّبِيُّ - r- : " أَتَرَاهُ يُرَائِي ؟ " فَقُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، فَتَرَكَ يَدَهُ مِنْ يَدِي ، ثُمَّ جَمَعَ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يُصَوِّبُهُمَا وَيَرْفَعُهُمَا ، وَيَقُولُ : " عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا ، عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا ، عَلَيْكُمْ هَدْيًا قَاصِدًا ، فَإِنَّهُ مَنْ يُشَادَّ هَذَا الدِّينَ يَغْلِبْهُ "المستدرك للحاكم ( 1176) ومسند أحمد ( 20317) وهو صحيح
    وفي صحيح البخارى (5861) عَنْ عَائِشَةَ - رضى الله عنها - أَنَّ النَّبِىَّ - r- كَانَ يَحْتَجِرُ حَصِيرًا بِاللَّيْلِ فَيُصَلِّى ، وَيَبْسُطُهُ بِالنَّهَارِ فَيَجْلِسُ عَلَيْهِ ، فَجَعَلَ النَّاسُ يَثُوبُونَ إِلَى النَّبِىِّ - r - فَيُصَلُّونَ بِصَلاَتِهِ حَتَّى كَثُرُوا فَأَقْبَلَ فَقَالَ « يَا أَيُّهَا النَّاسُ خُذُوا مِنَ الأَعْمَالِ مَا تُطِيقُونَ ، فَإِنَّ اللَّهَ لاَ يَمَلُّ حَتَّى تَمَلُّوا ، وَإِنَّ أَحَبَّ الأَعْمَالِ إِلَى اللَّهِ مَا دَامَ وَإِنْ قَلَّ » .
    يحتجر : يتخذه كالحجرة لنفسه دون غيره
    ونهاهم الله عن تحريم الطيبات ، حيث قال تعالى : {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آَمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآَيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (32) } [الأعراف/32]
    وفي صحيح ابن حبان (317) عن أَنَسَ بْنِ مَالِكٍ ، قالَ: جَاءَ ثَلاَثَةُ رَهْطٍ إِلَى بُيُوتِ أَزْوَاجِ النَّبِيِّ r، يَسْأَلُونَ عَنْ عِبَادَةِ النَّبِيِّ r، فَلَمَّا أُخْبِرُوا كَأَنَّهُمْ تَقَالُّوهَا ، فَقَالُوا : وَأَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّبِيِّ r، قَدْ غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ وَمَا تَأَخَّرَ ؟ قَالَ أَحَدُهُمْ : أَمَّا أَنَا فَإِنِّي أُصَلِّي اللَّيْلَ أَبَدًا ، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَصُومُ الدَّهْرَ وَلاَ أُفْطِرُ ، وَقَالَ الآخَرُ : أَنَا أَعْتَزِلُ النِّسَاءَ وَلاَ أَتَزَوَّجُ أَبَدًا ، فَجَاءَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فقَالَ : أَنْتُمُ الَّذِي قُلْتُمْ كَذَا وَكَذَا ؟ أَمَا وَاللَّهِ إِنِّي لَأَخْشَاكُمْ لِلَّهِ ، وَأَتْقَاكُمْ لَهُ ، لَكِنِّي أَصُومُ وَأُفْطِرُ ، وَأُصَلِّي وَأَرْقُدُ ، وَأَتَزَوَّجُ النِّسَاءَ ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي.( صحيح ) وهو في الصحيحين بنحوه
    وفي صحيح البخارى (1975) عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ - رضى الله عنهما – قالَ : قَالَ لِى رَسُولُ اللَّهِ - r- « يَا عَبْدَ اللَّهِ أَلَمْ أُخْبَرْ أَنَّكَ تَصُومُ النَّهَارَ وَتَقُومُ اللَّيْلَ » . فَقُلْتُ بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ « فَلاَ تَفْعَلْ ، صُمْ وَأَفْطِرْ ، وَقُمْ وَنَمْ ، فَإِنَّ لِجَسَدِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِعَيْنِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْجِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ لِزَوْرِكَ عَلَيْكَ حَقًّا ، وَإِنَّ بِحَسْبِكَ أَنْ تَصُومَ كُلَّ شَهْرٍ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ، فَإِنَّ لَكَ بِكُلِّ حَسَنَةٍ عَشْرَ أَمْثَالِهَا ، فَإِنَّ ذَلِكَ صِيَامُ الدَّهْرِ كُلِّهِ » . فَشَدَّدْتُ ، فَشُدِّدَ عَلَىَّ ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّى أَجِدُ قُوَّةً . قَالَ « فَصُمْ صِيَامَ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ وَلاَ تَزِدْ عَلَيْهِ » . قُلْتُ وَمَا كَانَ صِيَامُ نَبِىِّ اللَّهِ دَاوُدَ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - قَالَ « نِصْفَ الدَّهْرِ » . فَكَانَ عَبْدُ اللَّهِ يَقُولُ بَعْدَ مَا كَبِرَ يَا لَيْتَنِى قَبِلْتُ رُخْصَةَ النَّبِىِّ - r- . الزور : الزائر
    ومما يقوي الهمة الطمع بموعود الله تعالى يوم القيامة ، قال تعالى : { وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (133) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (134) وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ (135) أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ (136)} [آل عمران/133-136]
    وقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآَنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ (111) التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآَمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ (112) [التوبة/111-112]
    وفي صحيح مسلم (5024 )عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ -r- بُسَيْسَةَ عَيْنًا يَنْظُرُ مَا صَنَعَتْ عِيرُ أَبِى سُفْيَانَ فَجَاءَ وَمَا فِى الْبَيْتِ أَحَدٌ غَيْرِى وَغَيْرُ رَسُولِ اللَّهِ -r- قَالَ لاَ أَدْرِى مَا اسْتَثْنَى بَعْضَ نِسَائِهِ قَالَ فَحَدَّثَهُ الْحَدِيثَ قَالَ فَخَرَجَ رَسُولُ اللَّهِ -r- فَتَكَلَّمَ فَقَالَ « إِنَّ لَنَا طَلِبَةً فَمَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا فَلْيَرْكَبْ مَعَنَا ». فَجَعَلَ رِجَالٌ يَسْتَأْذِنُونَهُ فِى ظُهْرَانِهِمْ فِى عُلْوِ الْمَدِينَةِ فَقَالَ « لاَ إِلاَّ مَنْ كَانَ ظَهْرُهُ حَاضِرًا ». فَانْطَلَقَ رَسُولُ اللَّهِ -r- وَأَصْحَابُهُ حَتَّى سَبَقُوا الْمُشْرِكِينَ إِلَى بَدْرٍ وَجَاءَ الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « لاَ يُقَدِّمَنَّ أَحَدٌ مِنْكُمْ إِلَى شَىْءٍ حَتَّى أَكُونَ أَنَا دُونَهُ ». فَدَنَا الْمُشْرِكُونَ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « قُومُوا إِلَى جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ ». قَالَ يَقُولُ عُمَيْرُ بْنُ الْحُمَامِ الأَنْصَارِىُّ يَا رَسُولَ اللَّهِ جَنَّةٌ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ قَالَ « نَعَمْ ». قَالَ بَخٍ بَخٍ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « مَا يَحْمِلُكَ عَلَى قَوْلِكَ بَخٍ بَخٍ ». قَالَ لاَ وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ إِلاَّ رَجَاءَةَ أَنْ أَكُونَ مِنْ أَهْلِهَا. قَالَ « فَإِنَّكَ مِنْ أَهْلِهَا ». فَأَخْرَجَ تَمَرَاتٍ مِنْ قَرْنِهِ فَجَعَلَ يَأْكُلُ مِنْهُنَّ ثُمَّ قَالَ لَئِنْ أَنَا حَيِيتُ حَتَّى آكُلَ تَمَرَاتِى هَذِهِ إِنَّهَا لَحَيَاةٌ طَوِيلَةٌ - قَالَ - فَرَمَى بِمَا كَانَ مَعَهُ مِنَ التَّمْرِ. ثُمَّ قَاتَلَهُمْ حَتَّى قُتِلَ.العين : الجاسوس
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:34 am

    وفي المستدرك للحاكم (5405)عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : حَمَلَنِي خَالِي جَدُّ بْنُ قَيْسٍ وَمَا أَقْدِرُ أَنْ أَرْمِيَ بِحَجَرٍ فِي السَّبْعِينَ ، رَاكِبًا مِنَ الأَنْصَارِ الَّذِينَ وَفَدُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ، فَخَرَجَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ عَمُّهُ الْعَبَّاسُ ، فَقَالَ : يَا عَمُّ ، خُذْ لِي عَلَى أَخْوَالِكَ ، فَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ سَلْ لِرَبِّكَ وَلِنَفْسِكَ مَا شِئْتَ ، فَقَالَ : أَمَّا الَّذِي أَسْأَلُكُمْ لِنَفْسِي ، فَتَمْنَعُونِي مِمَّا تَمْنَعُونَ مِنْهُ أَمْوَالَكُمْ وَأَنْفُسَكُمْ ، قَالُوا : فَمَا لَنَا إِذَا فَعَلْنَا ذَلِكَ ؟ قَالَ : الْجَنَّةُ " ( حديث صحيح)
    وفي صحيح البخارى (3244 ) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r - « قَالَ اللَّهُ أَعْدَدْتُ لِعِبَادِى الصَّالِحِينَ مَا لاَ عَيْنَ رَأَتْ ، وَلاَ أُذُنَ سَمِعَتْ ، وَلاَ خَطَرَ عَلَى قَلْبِ بَشَرٍ ، فَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ ( فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَا أُخْفِىَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ ) .
    وفي صحيح ابن حبان - (ج 3 / ص 139) (857) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ : إِنَّ لِلَّهِ مَلاَئِكَةً فُضُلاً عَنْ كُتَّابِ النَّاسِ ، يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ ، يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ ، فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا : هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ ، فَيَحُفُّونَ بِهِمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ، فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ ، فَيَقُولُ : مَا يَقُولُ عِبَادِي ؟ فَيَقُولُونَ : يُكَبِّرُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ وَيُسَبِّحُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ ، فَيَقُولُ : هَلْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ : لاَ ، فَيَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي ؟ فَيَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْكَ لَكَانُوا لَكَ أَشَدَّ عِبَادَةً وَأَكْثَرَ تَسْبِيحًا وَتَحْمِيدًا وَتَمْجِيدًا ، فَيَقُولُ : وَمَا يَسْأَلُونِي ؟ قَالَ : فَيَقُولُونَ : يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ ، فَيَقُولُ : فَهَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا عَلَيْهَا أَشَدَّ حِرْصًا وَأَشَدَّ طَلَبًا ، وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً ، فَيَقُولُ : وَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ ؟ فَيَقُولُونَ : مِنَ النَّارِ ، فَيَقُولُ : وَهَلْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ : لاَ وَاللَّهِ يَا رَبِّ ، فَيَقُولُ : فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا ؟ فَيَقُولُونَ : لَوْ رَأَوْهَا لَكَانُوا مِنْهَا أَشَدَّ فِرَارًا ، وَأَشَدَّ هَرَبًا ، وَأَشَدَّ خَوْفًا ، فَيَقُولُ اللَّهُ لِمَلاَئِكَتِهِ : أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ. ، قَالَ : فَقَالَ مَلَكٌ مِنَ الْمَلاَئِكَةِ : إِنَّ فِيهِمْ فُلاَنًا لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ ، قَالَ : فَهُمُ الْجُلَسَاءُ لاَ يَشْقَى جَلِيسُهُمْ.( وهو في البخاري (6408) )
    وفي صحيح البخارى (2790 ) عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ - رضى الله عنه - قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - r - « مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَأَقَامَ الصَّلاَةَ وَصَامَ رَمَضَانَ ، كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ جَاهَدَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، أَوْ جَلَسَ فِى أَرْضِهِ الَّتِى وُلِدَ فِيهَا » . فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ أَفَلاَ نُبَشِّرُ النَّاسَ . قَالَ « إِنَّ فِى الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِى سَبِيلِ اللَّهِ ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ » .
    قَالَ أَبُو حَاتِمٍ : قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فَهُوَ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ الْفِرْدَوْسَ فِي وَسَطِ الْجِنَّانِ ، فِي الْعَرْضِ ، وَقَوْلُهُ وَهُوَ أَعْلَى الْجَنَّةِ يُرِيدُ بِهِ : فِي الاِرْتِفَاعِ.
    وبين لهم أنهم لن يستطيعوا الدوام على حال واحدة ،ففي صحيح مسلم (7142) عَنْ حَنْظَلَةَ الأُسَيِّدِىِّ قَالَ - وَكَانَ مِنْ كُتَّابِ رَسُولِ اللَّهِ -r- قَالَ - لَقِيَنِى أَبُو بَكْرٍ فَقَالَ كَيْفَ أَنْتَ يَا حَنْظَلَةُ قَالَ قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ مَا تَقُولُ قَالَ قُلْتُ نَكُونُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ -r- يُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِ رَسُولِ اللَّهِ -r- عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ فَنَسِينَا كَثِيرًا قَالَ أَبُو بَكْرٍ فَوَاللَّهِ إِنَّا لَنَلْقَى مِثْلَ هَذَا. فَانْطَلَقْتُ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ حَتَّى دَخَلْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ -r- قُلْتُ نَافَقَ حَنْظَلَةُ يَا رَسُولَ اللَّهِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « وَمَا ذَاكَ ». قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ نَكُونُ عِنْدَكَ تُذَكِّرُنَا بِالنَّارِ وَالْجَنَّةِ حَتَّى كَأَنَّا رَأْىَ عَيْنٍ فَإِذَا خَرَجْنَا مِنْ عِنْدِكَ عَافَسْنَا الأَزْوَاجَ وَالأَوْلاَدَ وَالضَّيْعَاتِ نَسِينَا كَثِيرًا. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -r- « وَالَّذِى نَفْسِى بِيَدِهِ إِنْ لَوْ تَدُومُونَ عَلَى مَا تَكُونُونَ عِنْدِى وَفِى الذِّكْرِ لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلاَئِكَةُ عَلَى فُرُشِكُمْ وَفِى طُرُقِكُمْ وَلَكِنْ يَا حَنْظَلَةُ سَاعَةً وَسَاعَةً ». ثَلاَثَ مَرَّاتٍ.
    الضيعات : المعايش -عافس : لاعب الأزواج والأولاد وعالج معايشه واشتغل بهم
    وقد تنوعت العبادات والقربات إلى الله تعالى، فلنأخذ منها ما استطعنا، ففي صحيح ابن حبان - (ج 2 / ص 96)( 373) عن أبي كَثِيرٍ السُّحَيْمِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، قَالَ : سَأَلْتُ أَبَا ذَرٍّ ، قُلْتُ : دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ إِذَا عَمِلَ الْعَبْدُ بِهِ دَخَلَ الْجَنَّةَ ، قَالَ : سَأَلْتُ عَنْ ذَلِكَ رَسُولَ اللهِ r، فقَالَ : يُؤْمِنُ بِاللَّهِ ، قَالَ : فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ مَعَ الإِيمَانِ عَمَلاً ؟ قَالَ : يَرْضَخُ مِمَّا رَزَقَهُ اللَّهُ قُلْتُ : وَإِنْ كَانَ مُعْدَمًا لاَ شَيْءَ لَهُ ؟ قَالَ : يَقُولُ مَعْرُوفًا بِلِسَانِهِ ، قَالَ : قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ عَيِيًّا لاَ يُبْلِغُ عَنْهُ لِسَانُهُ ؟ قَالَ : فَيُعِينُ مَغْلُوبًا قُلْتُ : فَإِنْ كَانَ ضَعِيفًا لاَ قُدْرَةَ لَهُ ؟ قَالَ : فَلْيَصْنَعْ لأَخْرَقَ قُلْتُ : وَإِنْ كَانَ أَخْرَقَ ؟ قَالَ : فَالْتَفَتَ إِلَيَّ وَقَالَ : مَا تُرِيدُ أَنْ تَدَعَ فِي صَاحِبِكَ شَيْئًا مِنَ الْخَيْرِ ، فَلْيَدَعِ النَّاسَ مِنْ أَذَاهُ فَقُلْتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، إِنَّ هَذِهِ كَلِمَةُ تَيْسِيرٍ ؟ فقَالَ r: وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ ، مَا مِنْ عَبْدٍ يَعْمَلُ بِخَصْلَةٍ مِنْهَا ، يُرِيدُ بِهَا مَا عِنْدَ اللهِ ، إِلاَّ أَخَذَتْ بِيَدِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ، حَتَّى تُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ.( صحيح)
    ومما يقوي الهمة صلاة الجماعة وكثرة تلاوة القرآن وقراءة الحديث النبوي في الترغيب والترهيب ، وحضور مجالس العلم والذكر ، ومجالسة الأخيار ، والنظر في سير الأنبياء والصالحين ....
    ومما يضعف الهمة كثرة المعاصي ، وترك قراءة القرآن والحديث النبوي ، وحضور مجالس الفسق والفجور ، والنظر للمحرمات ، ومجالسة العصاة .........
    وفي هذا الكتاب قد جمعت بحوثاً ومقالاتٍ وخطباً حول هذا الموضوع ، لتكون زاداً لنا يقوي همتنا ، ويعالج ضعفها
    وقد قسمته لبابين :
    الباب الأول-الحث على علو الهمة وفوائدها
    الباب الثاني-فتور الهمة أسبابه وعلاجه
    وكل واحدة منها مشفوعة بمصدرها، وغالبها من موقع الإسلام اليوم ، وصيد الفوائد ، والمختار الإسلامي ، وشبكة نور الإسلام ، وموقع المنبر .... وغيرها ، وتركتها كما هي ...
    قال الشاعر محذرا من الدنيا ومبينا قيمتها :
    فلو كانت الدنيا جزاءً لمحسن *** إذاً لم يكن فيها معاشٌ لظالم
    لقد جاع فيها الأنبياءُ كرامةً *** وقد شبعتْ فيها بطونُ البهائم
    وقال آخر:
    تمتَّعْ من الأيام إن كنتَ حازماً *** فإنك فيها بين ناهٍ وآمرِ
    إذا أبقت الدنيا على المرء دينَه *** فما فاته منها فليس بضائر
    فلا تزن الدنيا جناحَ بعوضةٍ *** ولا وزنَ رقٍ من جناحٍ لطائر
    فلم يرض بالدنيا ثواباً لمحسنٍ *** ولا رضي الدنيا عقاباً لكافر
    أسال الله تعالى أن ينفع به جامعه ، وقارئه وناشره ، والدال عليه ، في الدارين .
    جمع وإعداد
    الباحث في القرآن والسنَّة
    علي بن نايف الشحود
    في 22رمضان 1429 هـ الموافق ل 22/9/2008م
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:49 am

    الباب الأول
    الحث على علو الهمة وفوائدها

    ما هي الهمة ؟
    الهمة: هي الباعث على الفعل، وتوصف بعلو أو سفول..
    قال أحد الصالحين: همتك فاحفظها، فإن الهمة مقدمة الأشياء، فمن صلحت له همته وصدق فيها، صلح له ما وراء ذلك من الأعمال
    الهمة محلها القلب
    الهمة عمل قلبي، والقلب لا سلطان عليه لغير صاحبه، وكما أن الطائر يطير بجناحيه، كذلك يطير المرء بهمته، فتحلق به إلى أعلى الآفاق، طليقةًً من القيود التي تكبل الأجساد..
    إن يَسْلُب القوم العِدا مُلْكِي وتُسْلِمني الجموعْ
    فالقلب بين ضُلُوعِهِ لم تُسْلِمِ القلبَ الضلوعْ
    ونقل ابن قتيبة عن بعض كتب الحكمة :
    " ذو الهمة إن حُطَّ، فنفسه تأبى إلا عُلُوّاً، كالشعلة ِ من النار يُصَوِّبُها صاحبها، وتأبى إلا ارتفاعا "
    همَّة المؤمن أبلغ من عمله
    قال r :" من همَّ بحسنة، فلم يعملها، كتبها الله عنده حسنة كاملة " رواه البخاري
    وقال r : " من سأل الله الشهادة بصدقٍ، بلَّغه الله منازل الشهداء، وإن مات على فراشه " رواه مسلم وغيره
    وقال r فيمن تجهز للجهاد، ثم أدركه الموت: " قد أوقع الله أجره على قدر نيته " رواه الإمام أحمد وغيره
    وقال r : " ما من امرئٍ تكون له صلاة بليل، فغلبه عليها نوم ، إلا كُتب له أجر صلاته، وكان نومه صدقةً عليه " رواه النسائي وأبو داود
    وقد يتفوق المؤمن بهمته العالية كما بيَّن ذلك الصادق المصدوق r في قوله:
    " سبق درهم مائة ألف "، قالوا: يا رسول الله ، كيف يسبق درهم مائة ألف ؟! ،
    قال:" رجل كان له درهمان ، فأخذ أحدهما ، فتصدق به ، وآخر له مال كثير ،
    فأخذ من عَرْضها مائة ألف "رواه أحمد وغيره
    خصائص كبير الهمة
    يا عالي الهمَّة..
    بقَدْر ما تَتَعنَّى ، تنالُ ما تتمنَّى
    إن عالي الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايته، وتحقيق بغيته، لأنه يعلم أن المكارم منوطة بالمكاره، وأن المصالح والخيرات، و اللذات والكمالات كلها لا تنال إلا بحظ من المشقة، ولا يُعبر إليها إلا على جسر من التعب :
    بَصُرتُ بالراحة الكبرى فلم أرها *** تُنال إلا على جسر من التعب
    ****
    فقل لِمُرَجِّي معالي الأمور *** بغير اجتهاد: رجوتَ المحالا
    ****
    أحزان قلبي لا تزول *** حتى أبشر بالقبول
    وأرى كتابي باليمين *** وتُسَرَّ عيني بالرسول
    ****
    عالي الهمة يُرى منطلقاً بثقة وقوة وإقدام نحو غايته التي حددها على بصيرة وعلم، فيقتحم الأهوال، ويستهين الصعاب ..
    ****
    ذريني أنل ما لا يُنال من العُلا *** فصعب العلا في الصعب والسهل في السهل
    تريدين إدراك المعالي رخيصة *** ولا بُدَّ دون الشَّهْدِ من إبر النحْلِ
    ****
    من أراد الجنة سلعةَ الله الغالية لم يلتفت إلى لوم لائم، ولا عذل عاذل، ومضى يكدح في السعي لها
    قال تعالى: ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا )
    وقال r : " من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة "
    كبير الهمة لا ينقُضُ عَزْمه
    قال تعالى : ( فإذا عزمت فتوكل على الله )
    قال جعفر الخلدي البغدادي : " ما عقدت لله على نفسي عقدا ، فنكثته "
    علام يندم كبير الهمة؟
    يندم على ساعة مرت به في الدنيا لم يعمرها بذكر الله عز وجل ، قال r : " ليس يتحسر أهل الجنة على شيء إلا على ساعة مرت بهم لم يذكروا الله عز وجل فيها "
    يا كبير الهمة : لا يضرك التفرد ، فإن طرق العلاء قليلة الإيناس
    فعالي الهمة ترقى في مدارج الكمال بحيث صار لا يأبه بقلة السالكين، ووحشة الطريق لأنه يحصل مع كل مرتبة
    يرتقي إليها من الأنس بالله ما يزيل هذه الوحشة ، و إلا انقطع به السبيل ..
    عالي الهمة لا يرضى بالدون ولا يرضيه إلا معالي الأمور
    إن عالي الهمة يعلم أنه إذا لم يزد شيئا في الدنيا فسوف يكون زائدا عليها ، ومن ثم فهو لا يرضى بأن يحتل هامش الحياة ، بل لابد أن يكون في صلبها ومتنها عضوا مؤثرا
    إذا ما مضى يوم ولم أصطنع يدا * ولم أقتبس علما فما هو من عمري
    إن كبير الهمة نوع من البشر تتحدى همته ما يراه مستحيلا ، وينجز ما ينوء به العصبة أولو القوة ،
    ويقتحم الصعاب والأهوال لا يلوي على شيء
    له همم لا منتهى لكبارها وهمته الصغرى أجل من الدهر
    ندرة كبيريّ الهمة في الناس
    يصدق عليهم قول الرسول r : " تجدون الناس كإبل مائة ، لا يجد الرجل فيها راحلة "
    وهم في الناس ثلة من الأولين ، وقليل من الآخرين
    وقد كانوا إذا عدوا قليلا فقد صاروا أعز من القليل
    عالي الهمة لا يرضى بما دون الجنة
    إن كبير الهمة لا يعتد بما له فناء ، ولا يرضى بحياة مستعارة ، ولا بقُنيةٍ مستردة ، بل همه قنية مؤبدة ، وحياة مخلدة ، فهو لا يزال يحلق في سماء المعالي ، و لا ينتهي تحليقه دون عليين ، فهي غايته العظمى ، وهمه الأسمى..
    عالي الهمة شريف النفس يعرف قدر نفسه
    وعالي الهمة يعرف قدر نفسه ، في غير كبر، و لا عجب ، ولا غرور ، وإذا عرف المرء قدر نفسه ، صانها عن الرذائل ، وحفظها من أن تهان ، ونزهها عن دنايا الأمور ، و سفاسفها في السر والعلن ، وجنبها مواطن الذل بأن يحملها ما لا تطيق أو يضعها فيما لا يليق بقدرها ، فتبقى نفسه في حصن حصين ، وعز منيع لا تعطى الدنية ، و لا ترضى بالنقص ، ولا تقنع بالدون ..
    كبير الهمة عصامي لا عظامي
    فكبير الهمة عصامي يبني مجده بشرف نفسه ، لا اتكالا على حسبه ونسبه ، و لا يضيره ألا يكون ذا نسب ، فحسبه همته شرفا ونسبا ، فإن ضم كبر الهمة إلى نسب كان كعقد علق على جيد حسناء ..
    الحث على علو الهمة في القرآن والسنة
    تواردت نصوص القرآن والسنة على حث المؤمنين على ارتياد معالي الأمور ، والتسابق في الخيرات ، وتحذيرهم من سقوط الهمة ، وتنوعت أساليب القرآن في ذلك ..
    فمنها: ذم ساقطي الهمة وتصويرهم في أبشع صورة :
    ( واتل عليهم نبأ الذي آتيناه آياتنا فانسلخ منها فأتبعه الشيطان فكان من الغاوين ولو شئنا لرفعناه بها ولكنه أخلد إلى الأرض واتبع هواه فمثله كمثل الكلب إن تحمل عليه يلهث أو تتركه يلهث ذلك مثل القوم الذين كذبوا بآياتنا فاقصص القصص لعلهم يتفكرون )
    ومنها: ثناؤه سبحانه على أصحاب الهمم العالية وفي طليعتهم الأنبياء والمرسلون
    وفي مقدمتهم أولو العزم من الرسل وعلى رأسهم خاتمهم محمد r ..
    ( فاصبر كما صبر أولو العزم من الرسل )
    ومنها : أنه عبر سبحانه عن أوليائه الذين كبرت همتهم بوصف الرجال في مواطن البأس والجلد والعزيمة والثبات على الطاعة ، والقوة في دين الله
    ( فيه رجال يحبون أن يطهروا والله يحب المطهرين )
    ( يسبح له فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله و إقام الصلاة وإيتاء الزكاة )
    ( من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه فمنهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا )
    ومنها : أنه سبحانه أمر المؤمنين بالهمة العالية ، والتنافس في الخيرات ..
    ( فاستبقوا الخيرات )
    أما السنة الشريفة فمليئة بالكثير من الصور ..
    قال r : ( إن قامت الساعة وبيد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا يقوم حتى يغرسها، فليغرسها )
    وقال r لأصحابه : ( إن الله تعالى يحب معالي الأمور ، ويكره سفاسفها )
    وقال r يوصي أصحابه: ( إذا سأل أحدكم فليكثر، فإنما يسأل ربه عز وجل )
    وقال r : ( إذا سألتم الله فاسألوه الفردوس ..فإنه أوسط الجنة ، وأعلى الجنة ، وفوقه عرش الرحمن ، ومنه تفجر أنهار الجنة )
    ***********
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:52 am

    كبر الهمة يجلب لك بإذن الله خيرا غير مجذوذ ، ويجري في عروقك دم الشهامة والركض في ميدان العلم والعمل ، فلا ترى واقفا إلا على أبواب الفضائل ، ولا باسطا يديك إلا لمهمات الأمور ..
    إن التحلي بكبر الهمة يسلب منك سفاسف الآمال والأعمال ، ويجتث منك شجرة الذل والهوان والتملق والمداهنة ..
    مجالات علو الهمة :
    * علو الهمة في طلب العلم
    قال يحيى بن أبي كثير : لا ينال العلم براحة الجسد ..
    ومن يصطبر للعلم يظفر بنيله *** ومن يخطب الحسناء يصبر على البذل
    ومن لم يذل النفس في طلب العلى *** يسيرا يعش دهرا طويلا أخا ذل
    * علو الهمة في العبادة والاستقامة
    قال الحسن : من نافسك في دينك فنافسه ، ومن نافسك في دنياه فألقها في نحره
    قال وهيب بن الورد : إن استطعت أن لا يسبقك إلى الله أحد فافعل ..
    واحسرتاه تقضى العمر وانصرمت *** ساعاته بين ذل العجز والكسل
    والقوم قد أخذوا درب النجاة وقد ساروا *** إلى المطلب الأعلى على مهل
    * علو الهمة في البحث عن الحق
    لقد حفل التاريخ الإسلامي قديمه وحديثه بنماذج رائعة من المهتدين الذين ارتفعت همتهم في البحث عن الدين الحق
    و بذلوا في سبيل ذلك النفس والنفيس ، فصاروا مضرب الأمثال ، وحجة لله على خلقه أن من انطلق باحثا عن الحق مخلصا لله تعالى ، فإن الله عز وجل يهديه إليه ، ويمن عليه بأعظم نعمة في الوجود نعمة الإسلام
    ومن النماذج المشرقة في البحث عن الحق
    سلمان الفارسي رضي الله عنه ..
    أبوذر رضي الله عنه ...
    * علو الهمة في الدعوة إلى الله تعالى ..
    كبير الهمة يحمل هم الدعوة
    من أعظم ما يهتم به الداعية هداية قومه ، وبلوغ الجهد في النصح لهم ، كما يتضح ذلك جليا لمن تدبر سير المرسلين ، خاصة خاتمهم وسيدهم محمد r ..
    إن المتأمل لقوائم عظماء رجالات الإسلام من الرعيل الأول فمن بعدهم ليرى أن علو الهمة هو القاسم المشترك بين كل هؤلاء الذين اعتزوا بالإسلام ، واعتز بهم الإسلام ، ووقفوا حياتهم لحراسة الملة وخدمة الأمة سواء كانوا علماء أو دعاة أو مجددين أو مجاهدين أو مربين أو عباد صالحين ولو لم يتحلوا بعلو الهمة لما كان لهم موضع في قوائم العظماء ولما تربعوا في قلوب أبناء ملتهم ، ولما تزينت بذكرهم صحائف التاريخ و لا جعل الله لهم لسان صدق في الآخرين ..
    * علو الهمة في الجهاد في سبيل الله
    قال عمران بن حصين: ( ما لقي r كتيبة إلا كان أول من يضرب )
    وكذلك الشجعان في أمته والأبطال لا يحصون عدة ، و لا يحاط بهم كثرة ، سيما أصحابه المؤيدين الممدوحين في التنزيل بقوله تعالى :
    ( محمد رسول الله والذين آمنوا معه أشداء على الكفار رحماء بينهم )
    قال r : ( إن أبواب الجنة تحت ظلال السيوف )
    حال الأمة عند سقوط الهمة
    إن سقوط الهمم وخساستها حليف الهوان ، وقرين الذل والصغار ، وهو أصل الأمراض التي تفشت في أمتنا ،
    فأورثتها قحطا في الر جال ، وجفافا في القرائح ، وتقليدا أعمى ، وتواكلا وكسلا ، واستسلاما لما يسمى الأمر الواقع ..
    كل ذل يصيب الإنسان من غيره ، ويناله من ظاهره : قريب شفاؤه ، ويسير إزالته ،
    فإذا نبع الذل من النفس ، وانبثق من القلب ، فهو الداء الدوي ، والموت الخفي ..
    أسباب انحطاط الهمم
    حتى نكون أبعد عن انحطاط الهمم لابد أن نتعرف على أسباب ذلك ..
    * الوهن .. كما فسره الرسول r : ( حب الدنيا، وكراهية الموت )
    * الفتور .. قال r : ( إن لكل عمل شِرَّةً، ولكل شِرَّة فترة، فمن كانت فترته إلى سنتي فقد اهتدى، ومن كانت إلى غير ذلك فقد هلك )
    * اهدار الوقت الثمين في فضول المباحات .. قال r : ( نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ )
    * العجز والكسل .. قال تعالى: ( ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدة ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين )
    * الغفلة .. وشجرة الغفلة تُسقى بماء الجهل الذي هو عدو الفضائل كلها
    قال ابن القيم رحمه الله: لابد من سِنة الغفلة، ورقاد الغفلة، ولكن كن خفيف النوم
    * التسويف والتمني .. وهما صفة بليد الحس، عديم المبالاة، الذي كلَّما همَّت نفسه بخير، إما يعيقها بسوف حتى يفجأه الموت، وإما يركب بها بحر التمني، وهو بحر لا ساحل له، يدمن ركوبه مفاليس العالم .
    * ملاحظة سافل الهمة من طلاب الدنيا.. قال r : ( إنما مَثل الجليس الصالح والجليس السوء، كحامل المسك ونافخ الكير، فحامل المسك: إما أن يُحْذِيك ، وإما أن تبتاع منه،وإما أن تجد منه ريحا طيبة، ونافخ الكير: إما أن يحرق ثيابك، وإما أن تجد منه ريحا خبيثة )
    * العشق .. لأن صاحبه يحسر همته في حصول معشوقه فيلهيه عن حب الله ورسوله.
    * الانحراف في فهم العقيدة .. لا سيما مسألة القضاء والقدر، عدم تحقيق التوكل على الله تعالى، بدعة الإرجاء.
    * الفناء في ملاحظة حقوق الأهل والأولاد واستغراق الجهد في التوسع في تحقيق مطالبهم
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:54 am

    تعالى: ( يا أيها الذين آمنوا إن من أزواجكم وأولادكم عدوا لكم فاحذروهم )
    * المناهج التربوية والتعليمية الهدامة .. التي تثبط الهمم، وتخنق المواهب، وتكبت الطاقات، وتخرب العقول، وتنشىء الخنوع، وتزرع في الأجيال ازدراء النفس، وتعمق فيها احتقار الذات، والشعور بالدونية.
    * توالي الضربات، وازدياد اضطهاد العاملين للإسلام، مما ينتج الشعور بالإحباط في نفوس الذين لا يفقهون حقيقة البلاء، وسنن الله عز وجل في خلقه.
    أسباب الارتقاء بالهمة
    * العلم والبصيرة .. العلم يصعد بالهمة، ويرفع طالبه عن حضيض التقليد، ويُصفِّي النية.
    * إرادة الآخرة، وجعل الهموم همَّا واحداً.. قال تعالى: ( ومن أراد الآخرة وسعى لها سعيها وهو مؤمن فأولئك كان سعيهم مشكورا )
    وقال r : ( من كانت همّه الآخرة، جمع الله له شملَه، وجعل غناه في قلبه، وأتته الدنيا راغمة، ومن كانت همّه الدنيا، فرَّق الله عليه أمره، وجعل فقره بين عينيه، ولم يأته من الدنيا إلا ما كتب الله له)
    * كثرة ذكر الموت .. عن عطاء قال: كان عمر بن عبد العزيز يجمع كل ليلة الفقهاء، فيتذاكرون الموت والقيامة والآخرة ويبكون .
    * الدعاء.. لأنه سنة الأنبياء، وجالب كل خير، وقد قال r : ( أعجز الناس من عجز عن الدعاء )
    * الاجتهاد في حصر الذهن، وتركيز الفكر في معالي الأمور.. قال الحسن: نفسك إن لم تشغلها بالحق شغلتك بالباطل.
    * التحول عن البيئة المثبطة.. إذا سقطت الجوهرة في مكان نجس فيحتاج ذلك إلى كثير من الماء حتى تُنَظَّف إذا صببناه عليها وهي في مكانها، ولكن إذا أخرجناها من مكانها سهل تنظيفها بالقليل من الماء
    * صحبة أولي الهمم العالية، ومطالعة أخبارهم..قال r : ( إن من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر)
    * نصيحة المخلصين .. قال r : ( إن الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم )
    * المبادرة والمداومة والمثابرة في كل الظروف..قال تعالى: ( والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا )
    أطفالنا وعلو الهمة
    قال أبو حامد الغزالي رحمه الله: والصبي أمانة عند والديه، وقلبه الطاهر جوهرة نفيسة، فإن عُوِّد الخير وعُلِّمه نشأ عليه، وسَعِدَ في الدنيا والآخرة، وإن عُوِّد الشر، وأُهْمِل إهمالَ البهائم شقي وهلك.. وصيانته بأن يؤدِّبَه، ويهذبه، ويعلمه محاسن الأخلاق ..
    وقال ابن خلدون: التعليم في الصغر أشد رسوخاً، وهو أصل لما بعده.
    كِبَارُ الهمَّةِ النَّابغُون .. مُخْتَصَرُ الطريق إلى المَجْد..
    إن المرء لا يولد عالماً، وإنما تربيه جماعة، وتصنعه بيئة، و تتعهده بالرعاية والتعليم، حتى يمتلك ناصية العلم الذي يطلبه .
    .........
    إن الأمة التي تهتم بالنابغين، تصنع بهم مستقبلها المشرق، لأنهم يُصْلِحون أمرها، ويسهمون في ازدهارها، والأمة التي تهمل رعاية نابغيها سوف تشقى حين يتولى أمورها جهلة قاصرون يوردونها المهالك،أو مرضى نفسيون معقدون يسومونها سوء العذاب، أو سفلة أصحاب نفوس دنيئة وهِممٍ خسيسة يبيعونها لأعدائها بثمن بخس .
    أثر عُلُوّ الهمَّة في إصلاح الفرد والأمَّة
    أصحاب الهمة العالية هم الذين يقوون على البذل في سبيل المقصد الأعلى، و يبدلون أفكار العالم، ويغيرون مجرى الحياة بجهادهم وتضحياتهم، ومن ثَمَّ فهم القلة التي تنقذ الموقف، وهم الصفوة التي تباشر مهمة " الانتشال السريع " من وحل الوهن، و وهدة الإحباط.
    ...............
    زاحم بكتفيك وساعديك قوافل العظماء المجددين من السلف والخلف، ولا تؤجل فإن مرور الزمن ليس من صالحك، وإن الطغيان كلما طال أمده، كلما تأصَّلت في نفوس المتميعين معاني الاستخذاء، ولابد من مبادرة تنتشل، ما دام في الذين جرفهم التيار بقية عرق ينبض، وبذرة فطرة كامنة .
    ..........
    هذا زمان لا توسُّط عنده *** يبغي المغامر عالياً وجليلا
    كن سابقاً فيه أو ابق بمعزلٍ *** ليس التوسط للنبوغ سبيلا
    ..........
    إن أمتك المسلمة تترقب منك جذبة " عُمَرِيَّة " توقد في قلبها مصباح الهمة في ديجور هذه الغفلة المدلهمة، وتنتظر منك صيحة " أيوبية " تغرس بذرة الأمل، في بيداء اليأس، وعلى قدر المئونة؛ تأتي من الله المعونة، فاستعن بالله ولا تعجز .
    المصدر : المفكرة الدعوية
    ــــــــــــــــــ

    حديث الروح : اترك وراءك آثاراً
    يكتبها نورس
    دوماً وأبداً ما ألقاه، ليوقد بروحي شُعلاً من الحماس المتوهج لدين الله.. هو نفسه قد غدا جذوة متوقدة من الانفعال الحي المُعدي للآخرين!
    ذات حوار فاجأني بتساؤل يبدو أنه يعصف بذهنه منذ أيام: أريد أن أترك أثراً طيباً، مباركاً، كبيراً، ليس في قريتي الصغيرة هذه، بل على مستوى الأمة.. أريد ذلك.
    تعجبت من همته العالية، لكنني خفت عليه من عدم واقعية هدفه، ومن مثاليته المتعملقة، لذا أجبته متفاجئاً: أثر! وعلى مستوى الأمة!
    خفتُ على صديقي من الإحباط فأردفت قائلاً: عزيزي، تعلم أن عظمة العمل بما خالطها من إخلاص وتجرد لله، وليس بضخامته الحسية، فرُبَ عملٍ صغير حقير تضخمه النية الخالصة.
    افتر ثغره عن ابتسامة وقال: ليكن يا عزيزي عملاً ضخماً روحه النية الخالصة، ولِمَ لا !؟
    وضعت يدي على كتَفه وقلت له: على بركة الله، أنت لها
    ...
    مضى على حوارنا حينٌ من الدهر، وذات أصيل هاتفني يطلب رؤيتي، فرحبت به والتقينا، جاء كعادته متوقداً جدية وحماسة، وبأخبار طازجة عجيبة! ذكرني بمشروعه العملاق ذاك ( أريد أن أترك أثرا طيباً، مباركاً، كبيراً، ليس في قريتي الصغيرة هذه، بل على مستوى الأمة.. أريد ذلك ). فرددت عليه أذكر ذلك جيداً .. هل من جديد؟
    فقال: استولت عليَّ الفكرة حقاً، فعزمت على إقناع أحد التجار بتبني مشروع إنشاء مركز إسلامي كبير في أحد الدول الأفريقية، ووجدت الشخص المناسب كان قريباً مني جداً، أحد أقاربي ، لكنني كنت محرجاً للغاية بتحديثه بالأمر وتمنيت أن تحين فرصة جيدة لأحدثه ، ويا سبحان الله! وجدت به ذات يوم يُقم المسجد بعد صلاة عصر أحد الأيام، ناداني وقال: يا بني أنظر لذلك الصندوق به مصاحف قديمة، أودُ منك التخلص منها بمعرفتك، أحرقها أو ادفنها .. أخاف أن يعبث بها الصبية الصغار لو بقيت هنا.
    فرددت عليه ( والله يا عم ما يهون عليّ أن أحرق أو أدفن المصاحف، تخيل يا عم مثل هذه المصاحف في بعض الدول الأفريقية الفقيرة تُقَسم إلى أجزاء وتُتداول بين أهالي القرى ليتمكنوا من قراءة القرآن، لعدم توفر المصاحف هناك ) غلبني التأثر فبكيت، حدثته عن النشاط التنصيري هناك. سكت صاحبي ليلتقط أنفاسه وليقطف دموعه حبةً حبة! ثم أكمل قصته العجيبة قائلاً: لقد قال الرجل المُسن ( منذ زمن أود بناء مسجد ويا سبحان الله كنت قد جعلت مبلغاً قرابة نصف مليون ريال لبناء مسجد في إحدى القرى المجاورة، لكن يبدو أنني سأغير نيتي لأبنيه في إحدى تلك الدول الفقيرة التي حدثتني عنها الآن ).
    ولم يلبث الرجل المُسن أن كلفني بالإشراف على المشروع ( بناء المركز الإسلامي )، وها هو الملف بين يديك يحوي تقريراً عن المركز بالصور، بعد أن تبنته إحدى اللجان الخيرية ببلدنا الكريم.
    طالعت الملف فوجدت مركزاً إسلامياً يحتوي على مدرستين واحدة للذكور والأخرى للإناث لتعليم الإسلام، ومسجد يتسع لقرابة ألفي مصل، ووقف تسعة دكاكين دخلُها يوفر رواتب المشرفين والمشرفات على المركز التعليمي . الذي سيزور مدينة ( كادونا ) ستبصر عيناه ( مركز المدينة الإسلامي )، شامخاً أبياً ذا مئذنة خضراء سامقة تناطح السحب الاستوائية رفعةً وسمواً وطهارة.
    همسة روحية أخيرة: وكُن رجلاً إن أتوا بعده.. يقولون مرَّ وترك الأثر .
    مجلة شباب العدد 55 جمادى الآخرة 1424هـ
    تحرير: حورية الدعوة
    قال رسول الله r « إذا دعا الرجل لأخيه بظهر الغيب قالت الملائكة : ولك بمثل »
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:56 am

    يداً بيد لأحياء هذه الشعيرة العظيمة
    الكاتبة الغادة
    الحمد لله رب العالمين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له إله الأولين والآخرين وقيوم السماوات والأرضيين وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وأمينه على وحيه أرسله إلى الناس كافة بشيراً ونذيراً وداعياً إلى الله بإذنه وسراجاً منيرا وصلى الله عليه وعلى أله وأصحابه الذين ساروا على طريقته في الدعوة إلى سبيله وصبروا على ذلك وجاهدوا فيه حتى أظهر الله بهم دينه وأعلى كلمته ولو كره المشركين وسلم تسليما كثيرا أما بعد
    إن الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر شعيرة عظيمة من شعائر الإسلام بعث الله الرسل وأنزل الكتب لعباده ليقطع عليهم الحجة والمعذرة
    قال الله تعالى {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْياً بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ }البقرة213
    وقال جل في علاه {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ}النحل36
    وقال الله جلّ وعلا { قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ } [يوسف: 108] .
    قال ابن القيم رحمه الله: "ولا يكون الرجل من أتباع النبي حقًا حتى يدعو إلى ما دعا إليه النبي على بصيرة"
    فالدعوة إلى الله من حين أن بدأ الله الخلق
    لقد قال الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى "الدعوة إلى الله الآن فرض عين على كل مسلم ومسلمة، كل بحسب قدرته واستطاعته، لأننا نعيش زمانًا انتشر فيه الباطل وأهله، -والله- ما انتشر الباطل وأهله إلا يوم أن تخلى عن الحق أهله"، فواجبٌ على كل مسلم ومسلمة أن يبلغ دين الله على قدر استطاعته بقدر ما عَلَّمَه الله تبارك وتعالى من العلم، ألم تحفظ آية من كتاب الله، ألم تحفظ حديثًا من أحاديث رسول الله r ؟
    روى البخاري وغيره من حديث عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما أن النبي r قال ( بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني إسرائيل ولا حرج، ومن كذب علي متعمدًا فليتوبأ مقعده من النار ) .
    وقال r كما في سنن الترمذي وغيره بسند صحيح من حديث ابن مسعود رضي الله عنه الله ( نضر الله امرءً )، رسول الله r يدعو لك بنضارة الوجه يا من تبلغ عن الله وعن رسوله، ( نضر الله امرءً سمع منا حديثًا فبلغه كما سمعه، فرُب مبلغ أوعى من سامع ) .
    قال تعالى {وَلْتَكُن مِّنكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ }آل عمران104
    قد بين الله في هذه الآية الكريمة بأن الداعون و الآمرون و الناهون (هم المفلحون) الفائزون
    وقال سبحانه
    { وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ وَلَا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُشْرِكِينَ }القصص87
    والأدلة كثيرة لايمكن حصرها
    أما فضلها فقد قال الله تعالى {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33
    وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح (من دل على خير فله أجر فاعله)
    وقال عليه الصلاة والسلام ( من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لاينقص ذلك من أجورهم شيئا ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه لاينقص ذلك من آثامهم شيئا ) أخرجه مسلم
    وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال لعلي رضي الله عنه وأرضاه ( فولله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم ) متفق عليه
    فهنيئاً لك أيها الداعية هذا الخير العظيم
    إخوتي في الله بعد أن بينا حكم الدعوة إلى الله وفضلها لابد لنا من وقفات نتحدث من خلالها عن الدعوة مالها وما علينا
    فمن هنا كانت كتابة تلك السطور عل الله أن ينفعنا بها وإياكم ويوفقنا لما يحبه ويرضاه
    مع الداعية المعلم العظيم
    بداية نقف مع أعظم داعية مع الذي أنار الله به عقول الإنسانية وهدى به الله البشرية كيف لا وهو الذي تركنا على المحجة البيضاء فماترك لنا من خير إلا ودلنا عليه وما من شر إلا وحذرنا منه بأبي هو وأمي
    دعا إلى الله بالكلمة الطيبة والموعظة الحسنة وجاهد في سبيل الله حق جهاده نصح الأمة دلهم على الطريق السوي طريق الحق المستقيم
    لقي من الأذى ما لقي جش رأسه وانكرست رباعيته يوم أحد سالت إصبعه يوم حنين وضعوا سل الجذور على ظهره طردوه من بلده أدميت قدماه عند عودته من الطائف قالوا عنه مجنون فثبت وقالوا شاعر وكاهن فثبت نشا يتيما يوم أن كان للدعاة أبوان وعاش في بيت طيني يوم أن سكن الدعاة القصور والبنيان
    فيا دعاة الإسلام أيا ورثة الأنبياء ليكن قدوتكم وأسوتكم محمد r تفوزوا فوزا عظيما
    ماذا على الداعية قبل بدءه بالدعوة
    1/ يجب عليه أن يخلص لله في كل أعماله وأقواله قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5
    2/ يجب على الداعية أن يتسلح بالعلم النافع قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } [البقرة
    3/ يجب أن يطابق كلامه أفعاله لكي لا يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف 2/3
    وقال الله جلّ وعلا { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [البقرة: 44]
    كان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا"، أي كما يزل الماء عن الحجر الأملس، كم من مذكر بالله وهو ناسٍ له، وكم من مخوف من الله وهو جرئٌ على الله، وكم من تالٍ لكتاب الله وهو منسلخ عن آيات الله، وكم من مقرب إلى الله وهو بعيد عن الله، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال.
    هكذا فلتكن أيها الداعية
    يجب على الداعية أن يتصف بهذه الصفات
    1/ العلم لابد للداعية أن يعلم بأن هذا منكر لينكره وأن ذاك معروف ليأمر به
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 11:58 am

    2/ الصبر جواد لا يكبو، وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم .
    فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
    ولتعلم أخي أختي... بأن الطريق ليس مفروشا بالورود والزهور بل الطريق طويل ولا بد أن تواجهك عقبات ففي الحديث عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال }أتيت النبي r وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت : يا رسول الله ! ألا تدعوا لنا؟ ألا تستنصر لنا ؟ فقعد r وهو محمر وجهه وقال لقد كان من قبلكم يمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه .... ولكنكم تستعجلون { رواه البخاري
    سبحان الله ..!! أي ثبات هذا .. أي صبر هذا
    وإياك أن تستعجل قطف ثمار الدعوة وتكون كالكسعي الذي يصنع السهام ويرمى بها في الليل ويظن أنها لم تصب ما أراد فكسر القوس فلما أصبح رأى أنها قد أصابت فندم على كسرها ...بل اصبر فإنك لا تدري متى يحين قطف ثمار دعوتك
    3/ الصدق كن صادقا مع نفسك أولا في حمل هم الدين كما ينبغي من قول وعمل ومن ثم مع الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119
    فالصدق وسيلة لنجاح الداعية وهو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا
    4/ التواضع اعرف قدر نفسك لا تضعها بغير موضعها فلا تنظر للعصاة بازدراء بل انظر إليهم بعطف وشفقة ولا تبخل عليهم بالنصح والإرشاد وكن عونا لهم ولا تكن عونا مع الشيطان عليهم فعن النبي r قال ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم
    5/ الرفق واللين والحلم
    أيها الأحبة اشد ما نحتاج إليه أثناء دعوتنا إلى الله الرفق واللين والحلم فيجب على الدعاة أن يبدأوا دعوتهم مع المكلفين، ومع المخلوقين، ومع الناس برحمة، برقة، شتان شتان بين أن تبدأ الحديث مع مكلف أو مدعو بكلمة طيبة وابتسامة مشرقة، وبين قولك كذا كذا، أو يجب عليك كذا، أو افعل كذا بغلظة وقسوة، محال أن تستحوذ على قلبه، لكن افتح قلبه بكلمة رقيقة، افتح قلبه بابتسامة مشرقة
    قال الله تعالى لنبيه - r - { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران] .
    فبالرفق واللين نبني الجسور ونستطيع من خلالها أن نعبر القلوب
    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسانا
    ولننظر إلى خير البشر كيف كان حلمه r
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام إعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي r دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري
    الحكمة
    { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ } [النحل] الحكمة: ليست كلمة يرددها داعية أو عالم، هكذا .
    قال ابن القيم رحمه الله : الحكمة هي فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، وأركانها العلم، والحلم، والأناة، وآفاتها ومعاول هدمها:
    الجهل، والطيش، والعجلة.
    {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } [النحل] ولاحظ أن الله وصف الموعظة بقوله الحسنة، ولم يذكر الحكمة بالحسنة؛ لأن الحكمة الحسن أصل فيها، ووصف ذاتي لها، لا يمكن أبداً أن توصف الحكمة بغير الحسن
    وقال الله لنبيين كريمين هما موسى وهارون -على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }[ طه: 43-44] قال قتادة: سبحانك ربي ما أحلمك، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً، إن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبد قال: سبحان ربي الأعلى
    العدل
    أي أن يكون المنِكر عادلا فلا يجور على صاحب المنكر
    فينسى فضائله ويضخم سيئاته وإنما يشهد له بحسناته وفضائله ويذكرها له
    العاطفة الحية
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 12:15 pm

    لقي من الأذى ما لقي جش رأسه وانكرست رباعيته يوم أحد سالت إصبعه يوم حنين وضعوا سل الجذور على ظهره طردوه من بلده أدميت قدماه عند عودته من الطائف قالوا عنه مجنون فثبت وقالوا شاعر وكاهن فثبت نشا يتيما يوم أن كان للدعاة أبوان وعاش في بيت طيني يوم أن سكن الدعاة القصور والبنيان
    فيا دعاة الإسلام أيا ورثة الأنبياء ليكن قدوتكم وأسوتكم محمد r تفوزوا فوزا عظيما
    ماذا على الداعية قبل بدءه بالدعوة
    1/ يجب عليه أن يخلص لله في كل أعماله وأقواله قال تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5
    2/ يجب على الداعية أن يتسلح بالعلم النافع قال تعالى (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْوَاكُمْ } [البقرة
    3/ يجب أن يطابق كلامه أفعاله لكي لا يكون ممن قال الله فيهم {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ*كَبُرَ مَقْتاً عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ }الصف 2/3
    وقال الله جلّ وعلا { أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَأَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلَا تَعْقِلُونَ } [البقرة: 44]
    كان مالك بن دينار رحمه الله تعالى يقول "إن العالم إذا لم يعمل بعلمه زلت موعظته عن القلوب كما يزل القطر عن الصفا"، أي كما يزل الماء عن الحجر الأملس، كم من مذكر بالله وهو ناسٍ له، وكم من مخوف من الله وهو جرئٌ على الله، وكم من تالٍ لكتاب الله وهو منسلخ عن آيات الله، وكم من مقرب إلى الله وهو بعيد عن الله، اللهم ارزقنا الصدق والإخلاص في الأقوال والأعمال والأحوال.
    هكذا فلتكن أيها الداعية
    يجب على الداعية أن يتصف بهذه الصفات
    1/ العلم لابد للداعية أن يعلم بأن هذا منكر لينكره وأن ذاك معروف ليأمر به
    2/ الصبر جواد لا يكبو، وجند لا يهزم، وحصن لا يهدم .
    فقد قال الله تعالى في كتابه العزيز {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ }السجدة24
    ولتعلم أخي أختي... بأن الطريق ليس مفروشا بالورود والزهور بل الطريق طويل ولا بد أن تواجهك عقبات ففي الحديث عن خباب بن الأرت رضي الله عنه قال }أتيت النبي r وهو متوسد بردة وهو في ظل الكعبة وقد لقينا من المشركين شدة فقلت : يا رسول الله ! ألا تدعوا لنا؟ ألا تستنصر لنا ؟ فقعد r وهو محمر وجهه وقال لقد كان من قبلكم يمشط بمشاط الحديد مادون عظامه من لحم أو عصب ما يصرفه ذلك عن دينه ويوضع المنشار على مفرق رأسه فيشق باثنين ما يصرفه ذلك عن دينه وليتمن الله هذا الأمر حتى يسير الراكب من صنعاء إلى حضرموت ما يخاف إلا الله والذئب على غنمه .... ولكنكم تستعجلون { رواه البخاري
    سبحان الله ..!! أي ثبات هذا .. أي صبر هذا
    وإياك أن تستعجل قطف ثمار الدعوة وتكون كالكسعي الذي يصنع السهام ويرمى بها في الليل ويظن أنها لم تصب ما أراد فكسر القوس فلما أصبح رأى أنها قد أصابت فندم على كسرها ...بل اصبر فإنك لا تدري متى يحين قطف ثمار دعوتك
    3/ الصدق كن صادقا مع نفسك أولا في حمل هم الدين كما ينبغي من قول وعمل ومن ثم مع الناس {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَكُونُواْ مَعَ الصَّادِقِينَ }التوبة119
    فالصدق وسيلة لنجاح الداعية وهو الذي يجعل الناس يتقبلون ديننا
    4/ التواضع اعرف قدر نفسك لا تضعها بغير موضعها فلا تنظر للعصاة بازدراء بل انظر إليهم بعطف وشفقة ولا تبخل عليهم بالنصح والإرشاد وكن عونا لهم ولا تكن عونا مع الشيطان عليهم فعن النبي r قال ( الكبر بطر الحق وغمط الناس ) رواه مسلم
    5/ الرفق واللين والحلم
    أيها الأحبة اشد ما نحتاج إليه أثناء دعوتنا إلى الله الرفق واللين والحلم فيجب على الدعاة أن يبدأوا دعوتهم مع المكلفين، ومع المخلوقين، ومع الناس برحمة، برقة، شتان شتان بين أن تبدأ الحديث مع مكلف أو مدعو بكلمة طيبة وابتسامة مشرقة، وبين قولك كذا كذا، أو يجب عليك كذا، أو افعل كذا بغلظة وقسوة، محال أن تستحوذ على قلبه، لكن افتح قلبه بكلمة رقيقة، افتح قلبه بابتسامة مشرقة
    قال الله تعالى لنبيه - r - { فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران] .
    فبالرفق واللين نبني الجسور ونستطيع من خلالها أن نعبر القلوب
    أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم *** فطالما استعبد الإنسان إحسانا
    ولننظر إلى خير البشر كيف كان حلمه r
    عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قام إعرابي فبال في المسجد فقام إليه الناس ليقعوا به فقال النبي r دعوه وأريقوا على بوله سجلا من ماء أو ذنوبا من ماء فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين ) رواه البخاري
    الحكمة
    { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ } [النحل] الحكمة: ليست كلمة يرددها داعية أو عالم، هكذا .
    قال ابن القيم رحمه الله : الحكمة هي فعل ما ينبغي، في الوقت الذي ينبغي، على الوجه الذي ينبغي، وأركانها العلم، والحلم، والأناة، وآفاتها ومعاول هدمها:
    الجهل، والطيش، والعجلة.
    {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } [النحل] ولاحظ أن الله وصف الموعظة بقوله الحسنة، ولم يذكر الحكمة بالحسنة؛ لأن الحكمة الحسن أصل فيها، ووصف ذاتي لها، لا يمكن أبداً أن توصف الحكمة بغير الحسن
    وقال الله لنبيين كريمين هما موسى وهارون -على نبينا وعليهما أفضل الصلاة والسلام: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى * فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى }[ طه: 43-44] قال قتادة: سبحانك ربي ما أحلمك، تأمر موسى وهارون أن يقولا لفرعون قولاً ليناً، إن كان هذا حلمك بفرعون الذي قال: أنا ربكم الأعلى، فكيف يكون حلمك بعبد قال: سبحان ربي الأعلى
    العدل
    أي أن يكون المنِكر عادلا فلا يجور على صاحب المنكر
    فينسى فضائله ويضخم سيئاته وإنما يشهد له بحسناته وفضائله ويذكرها له
    العاطفة الحية
    نحن بحاجة إلى داعية يملك قلبا يحترق على واقع الإسلام والمسلمين وعلى أوضاع الأمة في مشارق الأرض ومغاربها
    يعطف على إخوانه ويحقق قوله تعالى {مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ }الفتح29
    إن المؤمن ينبغي أن يكون شديدا على الكفار رحيماً بالمؤمنين ويحقق في نفسه قوله r
    مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) رواه البخاري
    ومن هذه العاطفة ينبغي أن يملك الإنسان قلبا يتأثر لأخطاء المسلمين وانحرافهم عن الدين فيحزن لانتشار الفسق والمعاصي بينهم حزنا لا يدفعه لاعتزالهم إنما يدفعه لأن يشعر أنه كالطبيب معهم يحاول إنقاذهم ويجب أن تدعوه هذه العاطفة الغيرة على نفسه وزوجه وولده فيأمرهم بالمعروف وينهاهم عن المنكر ويمنعهم من ارتكاب ما يسخط الله عز وجل
    فأهٍ .... ما أحوجنا إلى قلوب تحترق !!
    الطموح
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 12:17 pm

    ويعني هذا أن لا يعيش الانساء لنفسه ودنياه إنما يعيش لأمته كما كان r فيجب أن يكون المسلم والداعية طموحا ويسعى للارتقاء في هذه الدرجات وأن ينظر في الدين إلى من هو فوقه وفي الدنيا إلى من هو دونه عقبات تواجهك أيها الداعية فاحذرها
    1/ إياكم وإتباع الهوى
    فقد قال الله عز وجل { وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ }ص26
    فإتباع الهوى خطير يصدك عن الحق ويجعلك ضالاً شقيا كأن تقول لك نفسك اقرأ القرآن فيقول لك هواك بل الأغنية اسمع ....تب إلى الله يقول له هواك لا تفعل .... وهكذا نعوذ بالله من الهوى
    فالهوى إلها يعبد من دون الله {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاه }الجاثية23
    وصح عن النبي r أنه قال ( ثلاث مهلكات إتباع الهوىواعجاب المرء بنفسه وشح مطاع )
    2/وربما يواجهك كبر من قبل المدعو
    خرج عليه الصلاة والسلام يعرض دعوته على أهل الطائف فما منعهم من قبول الدعوة إلا الكبر
    قال أحدهم ما وجد الله إلا أنت يرسلك ؟!!
    وقال الثاني أنا أسرق ثياب الكعبة إن كان أرسلك
    وقال الثالث إن كنت نبيا فأنت أعلى أن يكلم وان كنت كذابا فانا لا اكلم الكذابين
    فما أجابوه!!!
    هذا الكبر من المدعوين
    نعوذ بالله منه
    وفي صحيح مسلم أنه عليه الصلاة والسلام كان جالسا ورجل من الناس يأكل بشماله فقال له رسول الله r كل بيمينك قال : لا أستطيع قال كل بيمينك قال لا أستطيع قال : لا استطعت قالوا فما رفعها إلى فيه إلا يبست وما منعه من الاستجابة لأمر رسول الله إلا الكبر ولذلك بعض الناس حرمهم الكبر من دخول الجنة والسعادة والاستقامة في الدنيا والآخرة
    3/أهل الحق قليل وأهل الباطل كثير
    ليعلم الداعية بأن الصراع بين الخير والشر من حين أن بدأ الله الخلق إلى قيام الساعة فأهل الخير قليل وأن الله لا يخلى الأرض من أعدائه والله سبحانه وتعالى يقول {و َقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13وقال {وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ }يوسف103 والقلة دائماً معها الخير
    قال ابن تيمية رحمه الله تعالى ( أهل الإسلام قليل في أهل العالم وأهل السنة قليل في أهل الإسلام ) ولذلك قال سبحانه {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ }الأنعام116
    نزل عمر رضي الله عنه وأرضاه السوق فسمع إعرابيا مسلما يقول اللهم اجعلني من عبادك القليل فأخذ عمر بمنكبه وقال ما هذا الدعاء قال يقول سبحانه {و َقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }سبأ13
    فدعوت الله أن يجعلني من هذا القليل قال عمر كل الناس أفقه منك يا عمر
    لكن إخوتي في الله إياكم أن يثبط كم هذا الأمر( أي قلة أهل الخير ) عن الدعوة إلى الله لا فيجب عليك أن تدعوا وأجرك على الله فالله يقول { وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ }النور54
    وهذا سيدنا نوح عليه الصلاة والسلام دعا قومه ألف سنة إلا خمسين عاما ولم يستجب له إلا القليل لكنه دعا ولم يبالي
    4/ ومن عقبات الدعوة التي تحول بين الداعية وبين الناس جليس السوء
    أرى ألف بان لا يقوم بادم *** فكيف ببان خلفه ألف هادم
    متى يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا أنت تبنيه وغيرك يهدم
    قال ابن القيم وهل كان اشئم على أبي طالب في دعوة رسول الله r من جليس السوء ولا تخفى هذه القصة على احد عندما طلب النبي r من عمه قول لا إله إلا الله ليحاج له بها عند الله وكان عند راس أبي طالب أبا جهل وقيل عبد الله ابن أمية فقال له أبو جهل أترغب أن تموت على ملة غير ملة عبد المطلب
    فانظروا إلى الجليس السيئ شؤم والله
    فلتتنبه أيها الداعية إذا دعوت رجلا ولم يتأثر منك ودائماً في المعاصي فاعلم أن له قرين يؤزه وشيطان من شياطين الإنس معه يخلو به وهذا الذي يدمر عليك الدعوة تبني في الصباح ويهدمون في المساء
    5/الفتور الذي يصيب الداعية
    أيها الداعية الم تسمع قول الله تعالى
    {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلاً مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحاً وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ }فصلت33
    ماذا تنتظر؟ لما الفتور والكسل؟ فك القيود وسارع إلى ما أمرك الله به من النصح والإرشاد لكل محتاج وإياك أن تكتم ما علمك الله إياه
    فقد صح عن النبي r ( من كتم علما ألجمه الله بلجام من نار القيامة )
    وقال سبحانه {إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِن بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلعَنُهُمُ اللّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ }البقرة159
    فما فائدة علمك إن لم تنصح وتعظ الناس وتتحدث إليهم !!!
    6/ انشغال الناس بدنياهم وترك أخراهم
    للأسف الشديد ترى أكثر الناس إلا من رحم الله ينشغل بأمور هذه الدنيا من مأكل وملبس وبناء القصور وركوب أحدث أنواع السيارات ونسي أو تناسى بأن هذه الدنيا زائلة ومهما عشنا بها لابد لنا من الرحيل
    باتوا على فلل الإجبار تحرسهم *** غلب الرجال فما أغنتهم الفلل
    واستنزلوا بعد عز من قصورهم *** إلى قبورهم يا بئس ما نزلوا
    عاشق الفزياء
    عاشق الفزياء
    Admin


    عدد المساهمات : 210
    تاريخ التسجيل : 27/02/2009
    العمر : 34

    الإنسان بين علو الهمة وهبوطها Empty رد: الإنسان بين علو الهمة وهبوطها

    مُساهمة من طرف عاشق الفزياء الجمعة فبراير 27, 2009 12:18 pm

    فماذا قدمتم لأنفسكم إخوتي
    قال رسول عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح ( لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى كافرا شربة ماء )
    وقال أيضا ( لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلى مما طلعت عليه الشمس ) صحيح ( وفي رواية وما غربت)
    فحذا ري حذا ري أن توقعك هذه الدنيا بشباكها وتزين لك نفسها ومن ثم تتركك وما عندك شيء !!
    نفتقر إلى أسلوب الإقناع ..
    أحبتي ..
    نفتقر إلى أمر مهم في دعوتنا إلى الله قد علمنا إياه قدوتنا وحبيبنا محمد r ..ألا وهو أسلوب الإقناع
    اعلم بأني لن أوفي الموضوع حقه ولكن يكفينا حديثي رسول الله r
    إن فتى شابا أتى النبي r فقال يا رسول الله ائذن لي بالزنا فأقبل القوم عليه فزجروه قالوا مه مه فقال أدنه فدنا منه قريبا قال فجلس قال أتحبه لأمك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأمهاتهم قال أفتحبه لابنتك قال لا والله يا رسول الله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لبناتهم قال أفتحبه لأختك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لأخواتهم قال أفتحبه لعمتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لعماتهم قال أفتحبه لخالتك قال لا والله جعلني الله فداءك قال ولا الناس يحبونه لخالاتهم قال فوضع يده عليه وقال اللهم اغفر ذنبه وطهر قلبه وحصن فرجه فلم يكن بعد ذلك الفتى يلتفت إلى شيء
    ما أروعه من أسلوب
    وعن عمران بن حصين رضي الله عنه قال: قال رسول الله r لأبي حصين كم تعبد إلها ؟ قال سبعة ستا في الأرض وواحدا في السماء قال عليه الصلاة والسلام فأيهما تعد لرغبتك ولرهبتك ؟قال الذي في السماء قال يا حصين أما إنك إن أسلمت علمتك كلمتين تنفعانك فلما أسلم حصين رضي الله عنه أتى النبي r فقال يا رسول الله علمني كلمتين اللتين وعدتني قال : قل اللهم ألهمني رشدي وأعذني من شر نفسي
    إذا لم تدعوا أنت فمن يدعوا إذاً ؟
    إخوتي
    يامن منّ الله عليه بالعلم النافع والعمل الصالح وآتاه من فضله العظيم يامن سخره الله ليكون عونا لأخيه ويشد على يديه كي ينجيه
    ما بالك قصرت في دعوته .. وإن لم تدعوا أنت فمن ..؟!!
    اعلم رحمك الله بأنك صمام الأمان لهذه الأمة وسبب نجاتها من الهلاك فإن فقدتك الأمة سيحل عليها عذاب الله أتعلم لماذا ؟؟
    لأنك سكت عن إنكار الخبث وعطلت شعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    قال الله تعالى {لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ ذَلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُواْ يَعْتَدُونَ }المائدة78
    عن زينب بنت جحش قالت أن النبي r استيقظ يوما من نومه فزعا وهو يقول لا إله إلا الله ويل للعرب من شر قد اقترب فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذا وحلق بين إصبعيه السبابة والإبهام فقالت زينب : يا رسول الله أنهلك وفينا الصالحون قال نعم إذا كثر الخبث ) رواه البخاري ومسلم
    أبعد هذا ماذا ننتظر ؟!!
    وقال عليه الصلاة والسلام ( مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على فوقهم فقالوا لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجو ونجوا جميعا ) رواه البخاري
    فخذ بيد أخيك واسحبه لشاطئ النجاة ينجوا وتنجوا معه
    ولا تقل بأني لست أهلا لها ...إن ذنوبي كثيرة وما زلت أجاهد نفسي
    فأقول لك أخي .. أختي
    من منا لا يذنب ومن منا لا يخطأ لكن أنترك أنفسنا وإخواننا يغرقون في لجج المعاصي ونحن ننظر إليهم
    ولو لم يعظ في الناس من هو مذنب *** فمن يعظ العاصين بعد محمد
    مواقف بطولة وشجاعة في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
    أخوتي في الله
    إن تاريخ العلماء والدعاة من سلف هذه الأمة حافل بمواقف الاستبصار ومواطن الذكرى مملوء بالدروس النافعة الرائعة والمواقف البطولية الشجاعة
    هؤلاء العلماء الذين تحلوا بصفة العلم والعمل والتقى والزهد والجرأة على الحق والصلابة في التمسك بالعدل والمحافظة على حدود الشرع وحمل الدعوة لإقامة شرع الله في الأرض
    فلنسمع أخبارهم
    عبد السلام النابلسي

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 14, 2024 7:49 am